عندما تمطر السماء وتتنزل رحمات ربك تبدأ الأرض بأخذ زينتها وتكتسي أجمل حللها وتتفتح الأزهار وتتلون السهول وتصبح ذات منظر خلاب يأسر النفوس ويضيف لها السعادة والحبور ..
وهذه الفترة من السنة نسميها باسم الربيع وهي فترة زمنية تتغير وتذهب ويأتي بعدها فصل آخر من فصول السنة المتعاقبة يختلف عن سابقه ، ولكن هناك ربيع لايذهب ولايبلى ولاتغيره الأيام والفصول ، ربيع جميل ربيع غراسه في الأعماق ، جذوره متأصلة ، سقاها الأباء والأجداد واعتنوا بها أفضل عناية ..
إنه ربيع الأخلاق ومكارمها ، هذا هو الذي يأسر الناس بجماله وحسنه وبدوامه بالنفوس ..
هناك أناس قلوبهم بحسن الأخلاق مخضرة وأوردتهم مزهرة .. لقد رأيتهم وشاهدتهم وسمعت منهم ووجدتهم بعد أن أسقى الله أرضهم مرحبين بمن زار ديارهم فبنوا لهم الدواوين وأوقدوا المشاعيل وذلك تكريماً للزوار والمتنزهين ، وهم يرددون الخير من الله ويستشعرون بذلك قيمة مكارم الأخلاق في نفوسهم وكذلك دعواتهم الصادقة بأن يديم الله على هذه البلاد الخير والرخاء، وضاربين أروع الأمثلة في الإيثار والكرم ومقدمين أجمل الدروس للأجيال الشابة وأيضاً دعوات لمن أراد أن يقتدي بأفعالهم ..
عبر هذه السطور التي كتبتها ليس لاستغرابي وندرة ماشاهدت وأنا أعلم يقيناً أن هذه الأفعال موجودة بين العرب وصفة من صفاتهم ، ولكن لكي أقدم امتناني بما رأيت وشاهدت ، ولست بصدد ذكر أسماء وأشخاص بعينهم ولكن الفعول هي خير شواهد ..
ختاماً .. تحية طيبة لمن أهدى لجيلنا الحاضر صورة نظن أنها قد طمست ..
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه
إِذا جادتِ الدنيا عليكَ فجُدْ بها * على الناسِ طرا إِنها تَتَقَلَّبُ
فلا الجودُ يفنيها إِذا هي أقبلتْ * ولا البخلُ يُبْقيها إِذا هي تَذْهَبُ
تركي البشري
مقالات سابقة للكاتب