المطلقات بينَ تربيةِ الأبناءِ وقسوةِ الإباءِ وظروفِ المعيشةِ ونظرةِ المجتمعِ .
المطلقةُ هيَ : تلكَ المرأةُ التي أحبتْ وأنجبتْ وتعبتْ وسهرتْ وضحتْ وتحملتْ كلَ الظروفِ والمحنِ طيلةَ حياتها الزوجيةِ ، أملاً في أنْ يتعدلَ الحالُ وتزهر الحياةُ حتى قُدر َلها أنْ تكونَ في هذا الموقفِ الذي لا تحسدُ عليهِ بعدَ أنْ خابَ الأملُ وتلاشتْ الأحلامُ وتحطمتْ الأمنياتُ في شريكِ الحياةِ لأسبابٍ يراها المجتمعُ أضغاثَ أحلامٍ وتراها هيَ مثلَ الكوابيسِ التي تفزعُ النائمَ منْ سباتهِ العميقِ .
جاءَ الطلاقُ أمامَ ناظرها هوَ الخيار الوحيد سواءً بطلبِ منها بعدَ معاناتها معَ منْ ارتبطتْ بهِ حياتها وأنجبتْ منهُ فلذاتِ كبدها ، أوْ أنَ منْ صبرتْ عليهِ وضحتْ منْ أجلهِ وتحملتْ معهُ قسوةَ الحياةِ تخلى عنها ولمْ يلتفتْ لما قدمتْ طيلةَ السنينَ العجاف .
وما بينَ غمضةِ عينِ وانتباهتها أصبحتْ تحملُ لقب مطلقة ، لتبدأَ المعاناةُ بشكلٍ مختلفٍ تماما وكأنها خلقتْ للكفاحِ والتضحيةِ منْ جميعِ الاتجاهاتِ .
حياةٌ صعبةٌ وزوجٌ مقصرٌ وأبناءٌ لهمْ متطلباتٌ ومجتمعٌ لا يرحمُ .
الأبناءُ / بعدُ أنْ كانَ والدهمْ مسؤول عنْ تربيتهمْ والإنفاقِ عليهمْ تخلى عنْ التربيةِ وأنفقَ دراهمَ معدوداتٍ لا تسمنُ ولا تغني منْ جوعِ وهوَ يستطيعُ ولديهِ المقدرةُ الماليةُ والمجتمعُ يعرفُ ذلكَ .
والأدهى والأمر أنَ وجودَ بعضِ الآباءِ المطلقينَ على وجهِ هذهِ البسيطةِ أصبحَ عبئا على الأمِ المطلقةِ والأمثلةِ على ذلكَ كثيرةٌ ومنها – على سبيلِ المثالِ لا الحصرُ ومعَ الأسفِ – من الآباء بعد الطلاق منْ يحرضُ الأبناءَ على والدتهمْ ، ومنهمْ منْ يجعلهمْ وسيلةً للانتقامِ منْ مطلقتهِ ، ومنهمْ ومنهمْ ومعَ ذلكَ كلهُ تتفاقم مسؤوليةُ الأمِ المطلقةِ الحاضنةِ للأبناءِ في جميعِ الجوانبِ ومنها مثلاً النفقةُ / في الغالبِ أنها غيرُ كافيةٍ للمأكلِ والمشربِ والملبسِ والمسكنِ والمواصلاتِ ومعَ ذلكَ كلهِّ تكافحُ المطلقةُ في تلبيةِ احتياجاتِ الأبناءِ منْ حسابها الخاصِ ، هذا إذا كانتْ تملكُ حسابا .
التربيةُ / يتخلى معظمُ الآباءِ المطلقينَ عنْ تربيةِ أبنائهمْ فتقوم الأمُ بدورِ الأبِ والأمِ والمربي وتتكبدْ المرارةَ وتتضاعفُ عليها المسؤوليةُ خاصةً معَ وجودِ تحريضِ منْ الأبِ وأهلهِ للأبناءِ وإلقاءِ اللومِ على الأمِ .. وهنا لا نعممُ إنما هيَ حالات ، ومعاناةٌ موجودةٌ ، ومعَ ذلكَ : المطلقةُ / تبقى أسيرةً لهذهِ الظروفِ .
الأبُ المطلقُ / يتنعمَ في حياتهِ ، بلْ سرعانَ ما يبدأُ حياةً جديدةً وأسرةً جديدةً ولا نعلمُ كيفَ سيكونُ مستقبلها ، غيرَ آبهٍ بطليقتهِ وأبنائها الذينِ همَ أبناؤه .
الأهلُ / لا حيلةَلهمْ وقلَ أن تجدَ منهمْ منْ يقفُ بجانبها الكلُ منهمْ مشغولٌ في حياتهِ .
المجتمعُ / لا يرحمُ منْ نظرتهِ الساخرةِ !واللوم غالبا يقعُ على المرأةِ المطلقةِ .
رفقا بالقواريرِ . . . . الأمرُ يحتاجُ وقفة منْ الجميعِ ليسَ فقطْ في توجيهِ النصائحِ لهذهِ المرأةِ وأمثالها والتساؤلْ عنْ أسبابِ معاناتها . . إنما وقفة عندَ حدودِ الواجباتِ التي جعلها الإسلامُ في أعناقنا أزواجا وزوجاتٍ . . فكما أنَ الزوجةَ بنتْ أحلامها وآمالها في هذهِ الحياةِ فالزوجُ كذلكَ . . وعندما حلَ الطلاقُ أصبحت هناكَ مسؤوليةٌ أعظمُ وهيَ الأبناء . . فعلى الزوجِ أنْ يتدبرَ هذا الأمرِ ويعلمَ أنهُ مكلفٌ بالنفقةِ والاهتمامِ والتربيةِ حتى وإنْ كانوا في كنفِ الأمِ واللهِ تعالى أمرَ بذلكَ . .
ومنْ الصعبِ جدا أنْ تبقى الأمُ تصارعُ الزمنَ لتربيَ أولادها وسطَ إجحافٍ وتقصيرٍ منْ الأزواجِ ، وعلى المجتمعِ أنْ يغيرَ نظرتهُ للمطلقةِ فهيَ بالأمسِ كانتْ ابنةَ المجتمعِ واليومِ هيَ أمُ تبني وتربي جيلا بينَ يديها . .
والطلاقُ عندما حدثَ ليسَ شرطا أنْ تكونَ هيَ السببَ فيهِ فقدْ تكونُ الحياةُ مؤلمةً والطلاقُ هوَ الحل .
أما أنتِ أختي الزوجةُ المطلقةُ أمٌ والأمُ لا تُوصى على أبنائها لكنْ نقولُ منْ بابِ الأهميةِ اجعلي الأبناءَ نصبَ عينَكِ ولا تغفلي عنْ إمكانياتِ والدهمْ المادية فالبعضُ ينفقُ بما تيسرَ لديهِ وكوني عونا للأبناءِ في برِ والدهمْ .
نويفعة صالح الصحفي
رئيسة المجلس الاستشاري النسائي
ورئيسة اللجنة الثقافية النسائية بمحافظة خليص
ومشرفة العلوم الشرعية بمكتب تعليم خليص
ورئيسة مركز فتاة غران
مقالات سابقة للكاتب