♦ الملخص:
امرأة كانت على علاقة برجل متزوج، لكنها تابت، وبعد ذلك بدأتْ تدخل في دوَّامة من الوساوس والاكتئاب، وتسأل: هل ما هي فيه سببه دعوة من زوجة الرجل الذي كانت على علاقة به؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع المبارك، أسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم.
قبل ستة أشهر تقريبًا كنتُ على علاقة إلكترونية مع رجل متزوج ولديه أطفال، فعرَفت زوجته وحدثت مشكلة بينه وبين زوجته، فتركته، وحينئذٍ أدركت خطئي، وتركت الحديث معه، وحذفت كل ما يخصه، وبعدها بفترة انتابتني أعراضٌ غريبة: ضيق تنفس، خفقان، خوف من الموت ومن حدوث مكروهٍ لي، آلام وتعب عامٌّ في جسدي، بكاء بغير سبب، أحيانًا أشعر بغثيان، دوار وتنميل في الرأس، الإحساس بفِقدان الوعي أو عدم السيطرة، فذهبت للمستشفى وكان كل شيء سليمًا وَفقًا للتحاليل بفضل الله عز وجل، بعد ذلك كرهت الاختلاط بالناس والتحدث معهم فترة، ثم إنني قرأت عن الأعراض التي أصابتني، ورأيت أنها أعراض نفسية، فعدتُ تدريجيًّا للاختلاط بالناس، وحاولت تحسين علاقتي بالله؛ فبدأتُ بحفظ القرآن، وغيَّرتُ طريقة حجابي وهذا من فضل الله، لكن الأعراض لا تزال تأتيني بين فترة وأخرى، وعندما تقربت إلى الله، بدأت تأتيني وساوسُ كفرية والعياذ بالله، ولا أعرف كيف أتعامل معها، كذلك بدأت تأتيني خواطر باستذكار الذنوب التي كنتُ أفعلها، وتذكرتُ ذلك الرجل الذي كنت أحادثه، وخِفتُ كثيرًا أن تكون دعوة زوجته التي تسببتُ في ظلمها تكون قد أصابتني.
أود أن أعرف: هل ظلمتُها؟ وما السبيل لدفع تلك المظلمة؟ مع العلم أن الرجل لم يطلقها، هذا آخر ما عرفته والله أعلم، أيضًا أريد أن أتخلص من الوساوس الكفرية؛ لأنها تؤذيني جدًّا، ولا أريد أن أموت وعندي هذه الوساوس، وأيضًا الأعراض السابقة وتحديدًا ضيق التنفس الذي يأتيني وأنا خارج المنزل، ويجعلني أرغب في العودة للمنزل، وكذلك الأفكار السلبية التي توقعني تحت ضغطها كيف أتخلص منها؟ أرجو أن تكونوا قد فهمتهم أسئلتي، وألتمس من الله المعونة ثم منكم، أسأل الله أن يغفر لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب :
أولًا: هنيئًا لكِ أختي السائلة بفضل الله عليكِ بالتوبة والرجوع إليه، فاحمدي الله على هذه النعمة واشكريه عليها.
وسؤالكِ وحرصكِ وخوفكِ من الله جراءَ ما وقعتِ فيه من معاصيَ – دليلٌ بإذن الله على صدق توبتكِ ورجوعكِ إليه، ولا نزكِّي أحدًا على الله؛ لذا أوصيكِ بالآتي:
١- طبقي شروط التوبة بصدق: الإخلاص لله بالتوبة، الندم على ما فات، الإقلاع الفوري عن الذنب، العزم على عدم العودة إليه، والمسارعة في التوبة قبل الموت، وهذا ما فعلتِه، نسأل الله لكِ الثبات.
٢- ضرورة الإعراض والتغافل والتناسي لهذه المعاصي والذنوب، واستشعار أن التوبة تجُبُّ ما قبلها، ((والتائب من الذنب كمن لا ذنب له))، وعدم التكلم بها والاسترسال معها؛ قطعًا لطريق الشيطان؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: 21].
٢- عدم الاعتبار بهذه الوساوس، وضرورة الاعتقاد بأن مصدرها وموردها الشيطان الرجيم؛ لذا عليكِ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والإكثار من ذكر الله تعالى، ولا سيما أذكار الصباح والمساء وأعمال اليوم والليلة، وقراءة القرآن، ولا سيما سورة البقرة وسور الإخلاص والمعوِّذتين؛ قال تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 36].
٣- إذا رأيتِ زيادةَ القلق والاكتئاب، فلا مانع من مراجعة الطبيب النفسي عند اللزوم ما أمكن؛ فإن العلاج الدوائي يهيئ للعلاج السلوكي بإذن الله؛ وفي الحديث: ((تداووا عباد الله؛ فإن الله ما أنزل داءً إلا جعل له دواءً))، وإن أمكن أيضًا الرقية الشرعية منكِ أو ممن هو أهل لها وموثوق به.
٤- مصاحبة ومجالسة الصالحات القانتات؛ ليكُنَّ عونًا لكِ على الطاعة بإذن الله، والرسول صلى الله عليه وسلم بيَّن فضلَ مجالسة الصالحين؛ فمن حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة))؛ [متفق عليه].
٥- عليكِ بتنمية الإيمان وزيادته بالعمل الصالح؛ ومن ذلك: طلب العلم النافع، وقراءة ورد من القران، وصوم التنفل، وقراءة الكتب الإيمانية والعلمية والوعظية، وسماع الخطب والمحاضرات والبرامج العلمية النافعة والمفيدة؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
٦- ضرورة اللجوء والإلحاح على الله بالدعاء، وسؤاله الثبات والإيمان والعفو والعافية.
٧- الدعاء لكل من تشعرين بأنك وقعتِ في عرضه بسبٍّ أو غِيبة أو نميمة أو غيرها.
٨- عليكِ ببر والديكِ وطلب الدعاء منهم.
٩- الإكثار من الصدقة والإنفاق في وجوه الخير.
١٠- إن استطعتِ الانضمام إلى الجمعيات الخيرية – دور تحفيظ أو دور يتامى – ففعل الخير يزيد الإنسان راحة وسعادة.
١١- أحسني الظنَّ بالله تعالى وأنه يغفر الذنوب جميعها، بل من كرمه سبحانه أنه يبدل السيئات بالحسنات إذا صدق العبد في توبته.
١٢- تمسكي بدينكِ وعقيدتكِ وحجابكِ، واسألي الله أن يجنِّبكِ الفتنَ ما ظهر منها وما بطن.
١٣- اسألي الله أن يرزقكِ الزوج الصالح الذي يعينيكِ على طاعة الله ورسوله.
أسأل الله أن يفرج همكِ، ويشرح صدركِ، وييسر أمركِ، ويربط على قلبكِ، وينير عقلكِ، ويزكي نفسكِ، ويطهِّر قلبكِ، ويثبتكِ على دينكِ، ويصرف عنكِ وساوس النفس الأمارة بالسوء والهوى والشيطان الرجيم؛ إنه سميعٌ عليم.
المستشار الأسري
د. صلاح محمد الشيخ
دكتوراة من الجامعة الاسلامية كلية الدعوة وأصول الدين – قسم التربية
ماجستير من جامعة أم القرى – كلية التربية – قسم التربية
دبلوم المستشار الأسري
دورة مهارات تقديم الاستشارات الأسرية عبر الهاتف
خبرة في مجال التربية والتعليم تزيد عن ٢٦ سنةً