أحـسنـت ظـنـك بـالأيــام إذ حسنت
ولـم تـخـف سـوء ما يـأتـي بـه القدر
وسالمـتك اللـيـالـي فـأغـتـررت بـهـا
وعند صفـو الليالي يـحـدث الـكـدر
تعطلت لغة الكلام وبات الصمت هو اللغة التي تعبر عن الألم الذي أصاب القلوب وأدمى المشاعر أبعد حرماننا من القدس نحرم زيارة الحرمين مكة والمدينة ؟! أم نردد قول الرندي: تبكي الـحنيفية البيضاء مـن أسـف كـمـا بـكى لـفـراق الإلف هيمـان أبعد أن أصبحنا نستمع للمؤذن وهـو يـردد (صلوا في رحالكم) بـدل (حـي على الصلاة )؟! نردد نحن :حتى المحاريبُ تبكي و هــي جامـدةٌ حـتى المـنابـرُ تَرْثِي و هـي عيــــداَنُ.
أهي غفلة القلوب بعد النذير أم بُعد العقول عن التفكير ما هذا الذي نسمع عنه ولا نراه ؟! بأي شيء تعلقت قلوبنا ؟ وبأي اتجاه اتجهت عيوننا ؟ وفي أي ميناء رست ألسنتنا ؟ أين إيماننا بأن كل ما في الدنيا كتبه القلم بأمر ربه في كتاب القضاء والقدر وأن كل مولود في الدنيا مصيره الزوال ؟ تساؤلات عده تتوقف معها كل همة. خاصة ونحن اليوم نقف جميعا أمام وباء دخل البيوت بلا استحياء واتفق الجميع على محاربته بلا استثناء .
من أعطى له قدره اتقى شرره ومن تبسط في قدره أهلكه وأهله فأصبحت الصين مضرب الأمثال وإيطاليا مضرب سوء المأل .
فالوباء يقدم رسائل متعددة بلا استثناء للعالم والجاهل, للغني والفقر , للصحيح والمريض ,للملتزم والعاصي للحكام وللشعوب إنه ابتلاء إنساني السعيد بعده من قرأ رسالته وعمل على تنفيذ وصايا الإصلاح في تلك الرسالة.
ولك أن تقرأ بين سطور تلك الرسائل مطالبة الجميع بالنظافة وهي في الإسلام سمة المؤمن ومطالبة الجميع بالكف عن نقل كل ما يقرأ أو يسمع بل وتبدو المطالبة منطقية بالجلوس بالبيوت وعدم الخروج فيجول في ذاكرتنا سؤال عقبة بن عامر رضي الله عنه للرسول عليه الصلاة والسلام قائلا يا رسول الله وما النجاة؟ قال صلى الله عليه وسلم (أمسك عليكَ لسانكَ وليَسعْكَ بَـيتك وابكِ على خطيئتكَ) يكفي هذا الحديث حديثا لنا مع تطورات هذا الوباء لتحكيم العقول ,والعلم بأن الإسلام ملجأ كل ضال ولنا في المملكة العربية السعودية صورة ضوئية كأنموذج للتعامل مع المواقف بما تمليه علينا العلاقة بين أنظمة القانون وبين شريعتنا الإسلامية .
لم نتوقع يوما أن نعيش لحظة الأمر بتعليق العمرة أو منع الصلاة في المساجد في هذا البلد الذي يعده الجميع بأنه رمز الإسلام وميدان تطبيق نهجه .ولكن الإجراءات التي تم اتخاذها نالت إشادة العالم المثقف العالم البعيد عن الرأي الشخصي فالحمد لله والشكر لله أولا ثم لخادم الحرمين الشريفين وولي عهد ووزارة الصحة والأمن العام ووزارة الشؤون البلدية والقروية وكل مسؤول في هذا الوطن الغالي . والتحية موصولة لكل مواطن تعامل مع تلك الإجراءات بجدية فكان عونا لنفسه وأهله ووطنه هذا ما يحتاجه الوطن الجدية ثم الجدية ثم الجدية للقضاء على هذا الوباء و كمسلمين نعي جيدا أن الابتلاء إذا وقع لا يرفع إلا بالاعتراف به .
أبـشِــرْ بـخــيــرٍ عاجـل
تَـنسى بـه مـا قـد مـضَى
فـلـــرُبَّ أمــرٍ مــسخـطٍ
لـك فـي عـواقـبِــه رضـا
ولربَّـمـا اتّـَسَــعَ المـضيـق
وربـمـا ضــاق الـفـضــاء
اللـهُ يـفـعـل مـا يـشــاء
فـــلا تـكـنْ مـتعـرِّضًـا
اللـهُ عــوَّدك الـجـميـلَ
فـقِـسْ علـى ما قد مضى
ختامًا: البنوك المحلية ـ المستشفيات الخاصة ـ المؤسسات والشركات التي تنعم بالخير بفضل تواجدها بهذا البلد أتمنى مراجعة النفس فمواقفكم عند كل أزمة لا يتشرف بها المواطن السعودي .
عبدالرحيم نافع الصبحي
رئيس اللجنة الثقافية بمحافظة خليص
مقالات سابقة للكاتب