عقلك مضروب!

كُلُّ تذمرٍ أو شكوى هو قصة صغيرة يختلقها العقل؛ لكي تؤمن بها بالكامل، وسواءً أكنت تتذمر بصوت مسموع، أو في داخل رأسك فحسب، فلا فرق.
ويصبح التذمر -خصوصاً من الآخرين- اعتيادياً وبالطبع لا يكون واعياً؛مما يعني أنك لا تكون عارفاً بما تفعله.
إنَّ تصنيف الآخرين وفقاً لتصنيفاتٍ عقلية، سواء في وجوههم مباشرةً، أو حين تتكلم عنهم إلى الآخرين -وهذا الأكثر شيوعاً- أو تفكر بهم لا أكثر هو جزء من هذا النمط.
ويُعدُّ السباب أكثر أشكال مثل هذا التصنيف فظاظةً وتعبيراً عن حاجة “الأنا” إلى أن تكون مُحِقةً ومنتصرة على الآخرين.
إنَّ الامتعاض هو الشعور الذي يترافق مع التذمر والتصنيف العقلي للبشر، وهو يشحن “الأنا” بمزيدٍ من الطاقة.
فالامتعاض يعني أن تشعر شعوراً مريراً، ساخطاً، حزيناً، أو أن تشعر بالإهانة.
فأنت تمتعض من جشع الآخرين، من عدم نزاهتهم، من افتقارهم إلى المصداقية، مما يفعلونه، مما فعلوه في الماضي، ما قالوه، ما أخفقوا في فعله، ما كان ينبغي، أو لا ينبغي عليهم فعله.
“الأنا” تحب هذا، فبدلاً من التغاضي عن اللاوعي في الآخرين تجعله هوية لهم.
من الذي يفعل هذا؟
إنه اللاوعي الكامن فيك.
أحياناً يكون “العيب” الذي تتصوره في الآخرين غير موجود أساساً، بل يكون سوء تفسير بالكامل، إسقاطٌ يجريه عقلٌ مشروط ومضروب برؤية الأعداء، وبأن يجعل نفسه صائباً ومتفوقاً عليهم، وفي أحيان أخرى قد يكون العيب موجوداً، لكن بالتركيز عليه إلى حد استبعاد أي شيء آخر؛فإنك تضخمه؛ وما تتفاعل معه في الآخرين تُقوُّيه في نفسك.
فعليك نفسك، الزمها وهذِّبها؛ أسلمُ لك ولغيرك، ودعْ عنك تصنيف الآخرين بأحكامٍ تُبعدك عن سماحة دينك، وتُضعف أواصر قربك بهم، ولا تجعلك ترى الخير الذي فيهم.

سليمان مسلم البلادي
مستشار الوعي الإنساني
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

تعليق واحد على “عقلك مضروب!

نفاع بن مهنا بن ماضي الصحفي

طبعي أمر هذا التصنيف بين الناس فمن أكثر من شيء عرف به و يؤيد هذا ما ورد في الحديث النبوي الشريف – ما معناه- أن الرجل يصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا و أن الرجل يكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا .
فلا بد أن يصنف هذا في أهل الخير و هذا في أهل الانحراف و ذاك طيب أو بخيل أو كريم أو ذو دين أو رقة في دين أو أمين أو غشاش … إلخ .. و لا ينضبط الأمر لأن من معه يعطى و يزاد و لذلك يحرص العاقل على السيرة الحسنة في الناس و لنا في أبي الأنبياء إبراهيم عليه و على نبينا أفضل الصلاة و أزكى التسليم أسوة حسنة كما في الآية الكريمة ” و اجعل لي لسان صدق في الآخرين ” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *