في العقد الأول من عمري وعندما هل علينا شهر رمضان بأنواره وبركاته وحينما كنت أتهيأ للذهاب للمدرسة أوصتني أمي الفاضلة بالصيام مضى ذلك اليوم الأول وأنا بين مد وجزر أجاهد نفسي على مواصلة الصيام حتى انقضى اليوم الدراسي وحين الانصراف حدث أن امتدت يدي بكل براءة إلى ذلك الزير الممتلئ بالماء واغترفت حتى ارتويت ومن حولي يغادرون المكان دون إنكار أو تذكير ولا أشك أني دخلت تحت نص الحديث (ذا أكل أحدكم أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ) متفق عليه. ولا أزعم أني ولياً ! تلك قصتي مع رمضان الأول والتي سأتجاوز تفاصيلها إلى ما هو أهم
رمضان على الأبواب سيقدم إلينا ولن يطلب منا أن نخلي له الشوارع ليمر بموكبه المهيب ولن يحتاج أن نفرش له السجاد الأحمر . سيأتي رغم الحروب والحشود وبراميل بشار اللعين سيأتي في كل الأحوال .
وكما ترى فالناس يفتحون لرمضان فتوحات مختلفة لكني هنا أتحدث عن فتح آخر (افتح قلبك) رغم أنك تصوم منذ فترة طويلة أقول دع رمضان هذا هو رمضانك الأول اجعله رمضانا استثنائيا أدعوك لتفتح قلبك لرمضان وإذا ما دخل حقا فسيكون هذا أول رمضان تعيشه ! والمهم هل ستفتح له هذا العام فتحاً مختلفا ..ليكن فتحا مبيناً !
رمضان الملك في ضيافتك ! هل ستؤدي واجب الضيافة كيف ستحتفي به ؟ نعم إنه الآن في ضيافتك أياما معدودات وليال مباركات فما أنت صانع ؟ أريدك أن تتعامل مع رمضان كملك حل في ضيافتك تحييه بموائد القرآن وتوقره بوافر من الذكر وتكرمه بأجود أموالك وتعطره بأعذب حديثك ولا يرى منك إلا كل خلق كريم وكل أدب رفيع . إنه الملك ملك الشهور فأحسن إليه إن الله يحب المحسنين.
في حياتنا صلوات لم يخالجها الخشوع وسجدات لامست فيها جباهنا الأرض ولم تلامس فيها قلوبنا لذيذ القرب .أقول جاء الوقت لنزيل عن كواهلنا تراكمات شهور مرت وسنوات مضت إن في دواخلنا مناطق موحلة وصحاري قاحلة لم تهب عليها رياح الإيمان ولم تصبها قطرات الغيث ويأتي رمضان ليرويها فيضا من نفحاته وغدقا من خيراته فاللهم اجعله لقلوبنا ربيعا ولأسقامنا شفاءً.
عبدالرحمن مصلح المزروعي
مقــالات سابقة للكاتب :
مقالات سابقة للكاتب