أخي الأكبر يفتعل المشاكل معي

♦ الملخص:

شاب يذكُر أن أخاه الأكبر يُضمر له الحسد، ويفتعل المشكلات معه، ويسأل عن حلٍّ.

♦ التفاصيل:

هناك حكمةٌ تقول: “مِن مأمنه يُؤتى الحَذِرُ”، وأنا منذ وفاة والدي وحتى قبل ذلك أعاني من كيد أخ كبير ضمن العائلة، يحسب ويعدد أيَّ نعمة عندي من الله جل جلاله؛ حسدًا من عند نفسه.

والدتي تغض النظر عن اعتداءاته علي، ولا أدري لماذا يُضمر لي العداوة والبغضاء، ويدبر لي المكايد، ويفتعل مشاكلَ معي.

أنا أعلم أنكم لا بد أن تسمعوا الطرف الآخر، لكن الحقيقة لا تعدو ما قلتُ، أرجو توجيهكم وجزاكم الله خيرًا.

الجواب :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ أما بعد:

فأخي الكريم، ذكرتَ في رسالتك أنك تعاني من حقد أخيك الأكبر، وحسده لك بنعم الله عليك، وأن والدتك تقف بصف أخيك، وذكرت أن مهنتك طبيبٌ، وأنك غيَّرت السكن مساهمةً في حل المشكلة، وتستشير: ما هو موقفك تجاه ذلك؟ ومساهمة منا في حل هذه المشكلة، أوصيك بالآتي:

١- اشكُر لله تعالى نعمَه التي اختصَّك بها دون غيرك حتى أصبحت طبيبًا؛ أي: إنك متعلم ومثقف، وصاحب رؤية ثاقبة وعقل راجح بإذن الله.

 

٢- اعلم أن كل إنسان يَحظى بنعم الله، يجد مَن يَحسُده ويُضايقه، وقد يكون أقرب الناس إليه من أخ، أو ذي رحمٍ.

 

٣- كن أكرمَ من أخيك باتباع توجيه الله لك في مقابلة السيئة بالحسنة؛ قال الله عز وجل: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 34 – 36]؛ قال ابن كثير رحمه الله: “أي: فرق عظيم بين هذه وهذه، ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾؛ أي: من أساء إليك فادفَعه عنك بالإحسان إليه، وقوله: ﴿ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾، وهو الصديق؛ أي: إذا أحسنتَ إلى مَن أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك، والحُنو عليك، حتى يَصير كأنه وليٌّ لك حميم – أي: قريب إليك – من الشفقة عليك، والإحسان إليك، ثم قال: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا ﴾؛ أي: وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك، فإنه يشق على النفوس، ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾؛ أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والأخرى”.

 

هذا التوجيه لكل أحد أساء إليك، فما بالك عندما يكون تجاه قريب مثل أخيك؟ فلا شك أن الإحسان لذوي الرحم أَولى وأحرى، وأجرُهُ أعظم.

 

٤- بالنسبة لأمِّك وما تراه منها تجاه أخيك، فاحذَر أن تأخذ منها موقفًا يصل بك إلى عقوقها؛ فهي أمٌّ، وكلكم له منزلة في قلبها، وربما هي ترى أن هذا هو أخوك الكبير، ولا بد من احترامه وتقديره، لكنها تكنُّ لك حبًّا فطريًّا، فالزَم غرزها وطاعتها، والتمِس لها العذر والتغافل عن هذا.

 

٥- حاول ألا تجادل أخاك، وإن رأيتَ منه الجفاء، عامِله معاملة الأخ الكبير الذي يؤخذ قدره واحترامه، أشِدْ بما يقدِّم لكم من تعاون وإن كان قليلًا؛ فالنفوس تطرب للمديح والثناء.

 

٦- لا تحاول أن تتعالى على أخيك بشهادتك وأنك طبيب، بل اذكر أنه وقف معك منذ الصغر في تحقيق هذا الإنجاز.

 

٧- اعلم أنه لا يكتمل إيمان العبد إلا إذا أحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه؛ ففي الحديث عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدُكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))؛ [رواه البخاري ومسلم]، فإذا كان ذلك في حق الأخوة الإيمانية، فكيف إذا كانت أخوة إيمان وأخوة نسب كذلك؟

 

٨- اعلَم أن داء الحسد داءٌ عُضالٌ، فكم أهلك من أمةٍ قبلنا! وكم أهلك من الناس في زمننا إلا من رحِم الله! لذا جاء في الحديث عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة؛ حالقة الدين لا حالقة الشعر، والذي نفس محمد بيده، لا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتُم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ [رواه أحمد وغيره، وحسنه الألباني].

 

٩- كونك غيَّرتَ السكن تلافيًا لهذه المشكلة، فهذا حسن، فقط لا تجعله ندًّا لك، ولو أنك تراه كبيرًا وأعرف منك، كن صاحب أَناةٍ وحِلمٍ، وسترى عاقبة ذلك الإحسان والعفو في ندمِ أخيك ورجوعه للحق.

 

١٠- لا تَنسَ التضرع والدعاء لأخيك أن يصرف عنه داء الحسد، وأن يريَه الحق حقًّا ويرزقه اتباعه، وأن يريه الباطل باطلًا ويرزقه اجتنابه.

 

أسأل الله العلي القدير أن يجمع شملَكم، ويوحِّد صفكم، ويؤلِّف بين قلوبكم، ويرزقكم انشراح الصدر ونعيم السعادة.

المستشار الأسري

د. صلاح محمد الشيخ
دكتوراة من الجامعة الاسلامية كلية الدعوة وأصول الدين – قسم التربية 
ماجستير  من جامعة أم القرى – كلية التربية – قسم التربية 
دبلوم المستشار الأسري 
دورة مهارات تقديم الاستشارات الأسرية عبر الهاتف
خبرة في مجال التربية والتعليم تزيد عن ٢٦ سنةً
 
لاستقبال استشاراتكم الأسرية الرجاء الإطلاع على الرابط التالي : https://ghrannews.com////////////?p=169502

تعليق واحد على “أخي الأكبر يفتعل المشاكل معي

محمد مبارك مبروك البشري

بارك الله فيك ونفع الله بعلمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *