مفهومُ (المجتمع) مأخوذٌ من الجمع والاجتماع وهو عبارة عن اجتماع عـددٍ وجماعـة من(الأفـراد) ذُكوراً وإناثاً، حتى توسَّـع هذا (الجمع) إلى أن أصبح مُجتمعاً !ولو أمعنا النظـر في هذا المفهوم لوجدنا أن الأفراد هم(الأصل)الذي انبثقَ منه المجتمع و (الأساس)الذي يقوم عليه!
فبالأفراد تشكّلت (الجماعة) وتكـوَّنت (الأُسرة) وأُنشئت (المُجتمعـات)! ومما لاشـك فيه أن الفـرد والمجتمع يؤثـر كلٌ منهما في الآخـر إيجـاباً كان أم سـلباً !!
وما دعـاني لأن أحـرص على تنـاول هذا الموضـوع هو ما يُنشــرُ عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين الفـيْنة والأخرى من مقاطـعٍ ( تُخـالف ) الشـرع، و( تَخـلُّ ) بالآداب، و( تُنافي) الأخـلاق، و( تنتـهك ) القِـيَم والمبادئ !! فو الله إنه لمن المؤسف والمُعيب حقاً أن نرى من يوثّـق مِـزاحه مع أهلـه بل ويُسـئ لها ثم يبـثُ ذلك للمـلأ في منظـرٍ يبعـثُ على (الاشمئزاز )ويُثـيرُ (الاستفزاز)وأوردنا ذلك على سـبيل المـثال لا الحصـر! وبعض هذه المقاطـعٌ يقوم بها أصـحابُها تحـت حُجّّة (الغـاية تُـبررُ الوسـيلة )! وما أرى ذلك إلا (سـفاهة) عقـل أباحت لأصحابها (تفاهـة ) الأفعـال !!
وعجـباً لذلك الذي يرى بكـل (قُبـحٍ ) أنها من الحُـرَّية ، وما قوله هـذا إلا دليلاً صريـحاً على (جهالته) وعدم إدراكـه بأن للحُـرية ( حـدود ) وعلـيها ( قيـود ) ولا يُسـمح له با لتـمادى في ذلك والتجـاوز ! ولقد سـاءني كثـيراً حرص فئـةٌ من الناس على متابعـة مثل هـؤلاء !
فحـذارِ أن تجعلوا من(الحمقى ) مشـاهير ، ومن ( رَعَـاع ) الناس أبطـالاً !! وعلى المُجـتمع دون اسـتثناء مسـؤولية ( إمـاتةُ ) مثل هذه المقاطـع السـخيفة بعـدم تداولها أو نشـرها، وأن ينـأى كُل ُفـردٍ بنفسـه ويصـونها عـن متابعـة هـؤلاء، فالتـوافه أشـبه ما يكونون بدُمى(الأراجـوز) لا شأن لها ولا قيـمة اتخذها الآخرون لهم تسـليةً و ( لهواً ) ويتصرفون بها كيفما شـاءوا!!
وإني لأرى أنه من المُفـيد أن نُعـرِّج بالحـديثِ عـن مجـتمعنا فيما ( مضى )ما اسـتطعنا إلى ذلك سـبيلاً من خلال قِـيَمه و روابطـه و(هِـممُ) رجـاله! ذلك المُجتمع الذي عانى قساوة الحياة، وشـظف العيش، لقد عُهِـدَ عنه الثبات والتماسك (بروابط)الدين الوثيقة، و (أواصـر ) القُـربى العميقة وازداد بينهم (التلاحم ) بدافـع(الحُـب) لوطِنهم و(الغـيْرة ) عليه !
ورغم افتقـاره (لوسـائل)الإعـلام المُتعددة و(قنواته)المتنوعة والمُتوفرة في حاضرِ زماننا والتي من شـأنها (توفير) مصادر التعليم و(تيسير) نشـر المعلومة (وتطـوير) المجتمع إلا أنهم (ارتقـوا) بمجتمعهم الذي تحكمُ سـلوكياته(قِـيَمٌ )راسـخة، و تُحـددُ أهـدافه (مـبادئ ) ثابتــة !!ذلك المجـتمعٌ الذي تطبَّـعَ بمكارم (الأخـلاق) ومحاسـنها، وارتفـعَ عن النقائصِ ومواطنها!
لقد أفـنوا شـبابهم في الكفـاح، وتكبدوا العناء وذلَّلوا الصعاب (بالعـزيمة) وأزالوا العوائـق(بالإرادة)،ثم استضاءوا بنور(العِلْم )، وابصروا بـعين (العقل) !حتى أننا رأينا منهـم الأُدبـاء والنُجـباء والعُلمــاء والحُـكماء ، فكـانوا لمُجتمعاتهم مِعول ( بناء) وسـاسُ ( ارتقـاء ) !!
رجالٌ ( أفـذاذ ) يُحـتذى بهم ، و( رمـوزٌ ) تُضـرب بهم الأمثال !!
وحـقٌ أن يُســطّـرَ (التاريخ) بـين صفحـاته مناقب (العظماء)،
وأن يُعطَّــر سطـوره بسِـيَر ( النبلاء ) ! وليكن ذلك (عــنوان)
رواياته (ومضمون)حكـاياته ،لتقرأه الأجـيال فيقتدوا بالرجال ..
*** خاتمة ***
وإنما الأممُ الأخـلاقُ ما بَقِـيَت
فإن هم ذهَبَت أخـلاقُهم ذهَـبُوا
إبراهيم بن محمد السلمي – مكة المكرمة
مقالات سابقة للكاتب