يقاس تقدم الأمم وارتقاء مكانتها بمدى وعيها وتفهمها ، بل وتنفيذ كل ما من شأنه المساهمة الفاعلة في النهوض والرقي والتسارع المادي والمعنوي.
إن الوعي المجتمعي كفيل بصنع سياج عالٍ ودرع قوي ضد الفشل والترنح والكساد الفكري وهو كفيل كذلك بكشف المؤامرات واليقظة من الدسائس التي يحيكها الأعداء ويسوقها الخونة.
في اليوم الأول من رفع منع التجول جزئياً في محافظة خليص هاج الناس وماجوا وانطلقت المركبات كأنها جراد منتشر تجوب الطرقات وتْسمع كل البيوت أصوات المنبهات وكأن أصحاب تلك المركبات قد خرجوا من حكم مؤبد فجأة !!
زيارة واحدة لمحل للأكلات الصباحية ترى مناظر تدمي القلب وتوجع البال من التكدس وعدم المبالاة دون أدنى اهتمام بتنبيهات واحترازات وزارة الصحة؛ فلا تباعد ولا لبس كمامات بل وصل ببعضهم للعناق(الحار).
تغلق الجهات المسؤولة طريقاً فيتفنن السهارى بفتح طرق ملتوية ومظلمة للوصل للاستراحات وللأصدقاء.
وصل الحال عند بعضهم – هداه الله – أن يصر على أن كورونا ما هو إلا ضحكة على الشعوب وأنه ليس فيروساً خطيراً أقض مضجع العالم كله!.
تتهم المستشفى بأنها مقصرة وأنها أصبحت من وسائط نقل العدوى وهذا قول فيه الكثير من التجني على مؤسسة صحية تقوم بدور مهم جداً في المحافظة مع كونها تحتاج للتطوير والإمداد بأمور كثيرة جداً.
ولا ننسى أن العديد من المستشفيات كانت مصدراً لانتقال الفيروس خاصة في مراحله الأولى ؛ بل وفقد بعض الممارسين حياتهم بها .
هل المستشفى أرغمت تلك الأسر على موائد الإفطار الجماعي ؟!! هل المستشفى منعت لبس الكمامات ورفضت التباعد الاجتماعي؟.
هل المستشفى كدس الناس ليلة العيد في مسلخ البلدية وهم يجهزون ذبائح العيد للاجتماع عليها ؟!!
هل المستشفى مسؤول عن ( تهريب المرضى ) ومساعدتهم على عدم التقيد بالحجر المنزلي ؟!!
هل المستشفى مسؤول عن جلب ( حلاق ) ليجتمع حوله أغلب أهل الحي ؟! ثم يكتشف لاحقاً أنه مصاب !!
بل وصل الحال عند البعض هداهم الله أن يقيموا صلاة الجمعة في بيتوهم مع أسرهم الكبيرة !!!
إن وعي المجتمع وتقيده بالتعليمات هو الضامن بعد قدرة الله سبحانه وتعالى للحد من انتشار الفيروس ووقف نشاطه المتصاعد في المحافظة.
قولوا شكراً لأبطال الصحة ، شكراً لخط الدفاع الأول ضد هذه الجائحة فقد صمدوا في وقت هرب الأطباء والممارسون في بعض الدول المتقدمة من أداء مهمتهم في هذا الوقت العصيب.
مفلح الصاطي الحربي
عضو المجلس الاستشاري بمحافظة خليص
مقالات سابقة للكاتب