يقول الله عز وجل : ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) ، لاحظ أن الأمن يسبق الرزق ، ونعمة الأمن لا تساويها نعمة ولا يمكن أن يهنأ الإنسان بطيب عيش وهو غير آمن.
مشوار إلى أقرب سوق خضار لتلاحظ أن الفواكه والخضروات قد سيقت لنا من أنحاء المعمورة ، نأخذ ما نشاء وندع ما نشاء، نسافر في الإتجاهات الأربعة دون وجل أو قلق ، وفي أي ساعة من ساعات الليل والنهار بطول البلاد وعرضها ، بينما أكثر البلدان تقدماً وفي أشهر مدنها تجد من يحذرك بعدم التحرك بعد العاشرة ليلاً خوفاً على سلامتك!!
قال تعالى: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير) خوطب بهذه الآية أفضل البشر بعد الرسل صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما هُزم المسلمون في معركة أحد وقتل وجرح من الصحابة الكثير رضي الله عنهم أجمعين ، فما بالك بمن دونهم !
لكن في المقابل تجدنا وقد تسابقنا في بناء أهرامات أطعمة لا نستطيع الوصول إليها إلا بسلم ، ونتنادى لبيع وشراء نوقاً وأغناماً بملايين الريالات ، ويتسابق الكثير من فتياتنا لملابس وجودها كعدمها ، ويتطاحن الإخوة وأبناء العمومة على حفنة من تراب أو ملايين ورثت عن أب كدح سنين عمره فيها ، نمتطي ونقود سياراتنا كما نمتطي ونقود الجمال ثم نشتكي كثرة الحوادث وضيق المستشفيات ، نختلف عند أتفه الأسباب ثم لا يكون للود مكان ، وتنقطع الأرحام وتمر السنون ونشتكي قلة الأمطار تنزع بركة الرزق والأعمار وكأننا لم نحدث ذنباً ، ولم نفكر بتوبة.
جوع وخوف قتل ونهب وسلب في بلاد وطيء أرضها كثير منا عندما كانت جنات وأنهاراً وخيرات تجبى لها من كل مكان فأصبحت بين عشية وضحاها مسرحاً للفوضى والتخريب ، تفنن الأعداء في زرع الفتنة ومنظمات القتل بأرضها دون وازع ديني أو أخلاقي ذهب ضحيته الملايين من الناس ، لكننا يجب أن نعي جيداً أن كل ذلك هو مما كسبت أيدينا ويعفو الله عن الكثير.
لنحدث توبة وأوبة إلى الله عز وجل ونكف عن تبرئة أنفسنا قبل أن تنزع هذه النعم ، وإذا نزعت من قوم قل أن تعود إليهم.
والله المستعان.
محمد سعيد الصحفي / محاضر بالكلية التقنية بجدة
مقالات سابقة للكاتب