لغة ليس لها نظير …

هذه هي اللغة التي يريد  بعض المنتسبين إليها هجرها إلى لغات لا تقارن بها ، ظنا منهم أنهم سيلتحقون بركب ساداتهم … ولكن تأبى اللغة العربية العظيمة إلا الشموخ برأسها عالياً رغم رياح التغريب العاتية وهي متماسكة ثابتة كالجبال خالدة كالنجوم ، فهل يعي الإمعات مالديهم من كنز يحاولون جهدهم التفريط فيه بغباوة منقطعة النظير .

هذه هي لغة القرآن التي يستهزيء بها بعض المغرضين الذين ما إن قاموا وقعدوا إلا  ويرددون كلمات يعلم الله أنهم لا يعرفون معناها ، أو يعرفون ويتعمدون الكذب والبهتان ويهرفون بمالا يعرفون …

يقولون تريدون أن تعيدونا إلى العصور الوسطى وتلك العصور لو فقهوا هي أوج حضارة الأمة الإسلامية عندما كان الغرب يتسول العلم على أعتاب جامعات الأندلس وهذه العصور بالذات هي أحلك عصور الغرب عندما كان البابوات والقساوسة يتحكمون في مصير شعوبهم ويسوقونهم كالسوائم ويفرضون عليهم صكوك الغفران وقرارات الحرمان ويعذبون كل من يحمل في عقله فكرة العلم والإبتكار في دهاليز محاكم التفتيش الرهيبة ، ويرسلون كل مفكر ومبدع إلى تخت الإعدام بالمقاصل والمشانق حتى ضج الناس وقامت الثورة الفرنسية ضد القساوسة ورجال الدين أولا ثم ضد الدين جملة وتفصيلا ، ويرفع الثوار شعارهم المعروف (إشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس ) ، وظهرت مع الثورة الفرنسية فكرة الإلحاد ونبذ الدين وكل ما له صلة بالدين …

وأعجب من بعض الأعراب والمسلمين المبهورين بالغرب والذين لم يفهموا أو يفقهوا دينهم ولغتهم وتاريخهم بشكل صحيح وانساقوا وراء الموتورين يرددون كالببغاوات ما يضعه الأعداء من كيد وحقد ومكر … أعجبوا بهذه الثورة وهي ليست لهم ولا تخصهم وأرادوا أن يطبقوها على أنفسهم وقومهم ودينهم ..

والأسبان كانوا يرسلون أبنائهم ليتعلموا في جامعات المسلمين وقلد الشاب الأسباني خاصة والأوروبي عامة كل ما يأتي من طرف المسلمين ، وها نحن اليوم أصبحنا وقد عكس الأمر تماماً بفارق أنهم كانوا يأخذون المفيد منا ونحن نأخذ منهم كل قبيح ورذيل ..
نقلد الغرب وياليت أننا نقلدهم في الخير بل نقلدهم في كل ماليس له علاقة بالحياء والحشمة وسمو الأخلاق ، وينبري بعض شبابنا المتأثر جداً بالغرب ليدعونا إلى ترك هذه اللغة بحجة أنها لا تصلح لهذا الزمان زمن التكنولوجيا ، وأن اللغة العربية قاصرة على أن تجاري موكب العلم ..

هم جهال وكسالى لم يشاءوا أن يعترفوا بكسلهم وتنبلتهم وقصورهم عن فهم مداخلات هذه اللغة العصماء ، واتهموها بانها لغة قاصرة وعقيمة وصدق عليهم المثل القائل ( رمتني بدائها وانسلت ) ، و المثل القائل ( حجة البليد مسح السبورة ) ، وكان عليهم بدلا من الجري وراء الغرب وتقليده في كل رذيلة يأتي بها ، أن يشمروا عن سواعدهم وينكبوا على ترجمة  مسميات بعض الصناعات إلى اللغة العربية ، بدل ( الكدش ) ( وطيحني ) ، والرقص في الشوارع والأزقة ثم الخلود إلى النوم والكسل ثم ينهضون ويفركون أعينهم ويتشدقون بأن هذه اللغة قاصرة وعقيمة … ونسوا أن هذه اللغة أنزل الله بها قرآن يتلى ويتعبد الله به إلى يوم القيامة ، ولن ينفعهم التشبث بما ليس لهم ، فالنائم على فراش غيره كالنائم على الأرض ، ولقد تكفل الله بحفظ هذا القران وحفظ اللغة التي أنزل به من لدن حكيم عليم ….

وتأملوا شاعر النيل حافظ إبراهيم وهو يتحدث على لسان اللغة العربية وهي تشكو هجران منتسبيها ورميها بالقصور والعقم زورا وبهتاناً :
وسعت كتاب الله لفظاً وغــايــة          
وما ضقت عن آيٍ به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة   
وتنسيق أسماءٍ لـمخـتـرعــاتي
أنا البحر في أحشائه الدر كامن    
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي
رموني بعقم في الشباب وليتني 
عقمت فلم أجزع لقول عداتي

فاللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعة ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا إجتنابه ..

وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

إبراهيم أبوليلى 

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “لغة ليس لها نظير …

أبوسعود

جهلنا باللغة العربية أدى إلى عدم فهمنا لكلام ربنا
نقرأ القرآن ولا نفهم معناه :(

احمد الشيخ

مقاااااااال رائع
وكلنا نبكي على لغتنا التي عبث بها العحب . وهجرها العرب واصبحت تشكو الغربية وهي بين أهلها وذويها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *