مع بداية العام الدراسي سوف يتوجه جميع طلاب محافظة خليص منذ الصباح الباكر إلى مدارسهم ماعدا طلاب مدرسة واحدة هي مدرسة ( موسى بن نصير الإبتدائية في غران ).
فإنهم سوف ينتظرون إلى منتصف النهار حين تشتد حرارة الشمس لينطلقوا في تلك الظهيرة الحارقة ليس إلى مدرستهم التي ألفوها وأحبوها ولكن لمبنى في أقصى المنطقة بمدرسة متوسطة وثانوية غران في حيز ضيق من المبنى يتزاحمون فيه في ظل سوء التكييف والتهوية ، ومما زاد من مأساتهم أن هذا يحدث للعام الرابع على التوالي منذ أن تم إخلاء مدرستهم في ١٤٣٤هـ وتسليمها للمقاول وقتها ظنوا أن الأمر لن يستغرق سوى أشهر معدودة ( إذ أن العقد نص على أن مدة التنفيذ ٨ أشهر ) وإذا بهم يفاجأون أن الشهور تمضي والسنوات تتوالى والعمل متوقف في المدرسة تماماً ، مما لا يعطي أي بارقة أمل في العودة قريباً ..
شعور الإنزعاج من هذا الوضع المحزن ساد أولياء الأمور قبل الطلاب وكثرت الإستفسارات والأسئلة عن وضع المدرسة ولكن لم يجدوا جواباً شافياً وافياً ولا موعداً محدداً لاستكمال العمل وعودة المبنى للخدمة.
حقيقة الأمر أن هناك خلافاً وقع بين المقاول وإدارة التعليم بجدة ، حيث أن المقاول في بحبوحة بنص عقده وإدارة التعليم مازالت لم تتخذ بعد قرار …
التلاميذ الذين يسكنون في الجهة الغربية من مخطط غران يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى مبنى الثانوية البعيد عنهم وهم يسحبون حقائبهم تحت لهيب الشمس والحر ، وعدم توفر من يوصلهم إلى المدرسة لأن وقت ذهابهم للمدرسة يكون الآباء في أعمالهم ، وإذا وصلوا للمدرسة تم الزج بهم في فصول ضيقة ومساحة محدودة لا يستطيعون أن يتحركوا فيها بحرية ، فضلاً عن ممارسة الأنشطة والجو المناسب لعملية التعلم ، وإزاء هذا الوضع المزري أقدم بعض أولياء الأمور على نقل إبنائهم لمدارس تبعد كثيراً عن مقر سكنهم، مما يجعلهم عرضة لمخاطر الطريق .. والبعض الآخر آثر الحرارة والمشقة على إبنه من المجازفة بالأرواح ..
أما القسم الثالث غلبت عليه ظروفه المعيشية ولم يجد سوى الصمت عن الكلام أمام سؤال إبنه المتكرر : أبي متى نعود لمدرستنا ؟!
والحال كذلك لمعلمي المدرسة فمنهم من إنتقل إلى مدارس أخرى تتناسب مع ظروفه التي ﻻ تتفق مع الدوام المسائي ، ولكن الأكثر ألما هم أولئك المعلمين الذين ودعوا التعليم نهائياً وتقاعدوا .. كم كانوا يرجون أن تكون لحظات وداعهم من المبنى الذي أمضوا فيه أكثر من 25 سنة ، لكن الفساد وسوء التخطيط حال بينهم وبين أمانيهم…
الكارثة القادمة تكمن في إستهلاك المدرسة المستضيفة ، حيث أنها تفتح أبوابها لطلاب المتوسط والثانوي بالصباح الباكر ، ثم تستقبل طلاب المرحلة الإبتدائية بعد الظهر ، وعند الساعة الرابعة والنصف تودعهم لتستقبل مشتركي نادي الحي الذين يستمرون حتى العاشرة مساء ، مما زاد من تهالك المبنى وتعطل كثير من مرافقه وخدماته نتيجة الإستخدام المتواصل ، فأصبح المبنى الآن يتطلب ترميم عاجل ..
وهنا تكمن الكارثة أين الإتجاه ياترى لطلاب ثلاث مدارس مهددين بالتشرد لعدم توفر المباني المؤقته ريثما تنهي الوزارة خلافها مع المقاول ثم يبدأ الترميم ، وعلى طلاب المدارس الإنتظار فربما لن يحل الخلاف إلا وهم بالجامعة.
ختاماً فإنه رغم كل هذه المأساة والحيرة التي تجتاح المعلمين والطلاب وأولياء أمورهم وبرغم من ذهاب وزير وتولي وزير جديد . فمازال السؤال قائماً والجواب غائباً ، فلا أحد يعرف ماهو وضع المدرسة القديمة ولا متى سينتهي العمل فيها ومتى ستفتح أبوابها من جديد؟!
أسئلة عائمة حائرة بلا جواب .. والمسؤول . صامت يذهلك فيه الصمت الرهيب !!
مقالات سابقة للكاتب