عروسنا نحبها ونسعى أن تكون في كل وقت في أبهى صورة لها، قلبها ينبض بالحياة وجميع أطرافها كذلك، نصلي صلاة الإستسقاء ونطلب من الله المطر ثم نتذكر أن عروسنا ربما يزول مكياجها مع هطول المطر ونخاف أن تظهر بعض الأخاديد في وجنتيها وذراعيها وربما حتى شعرها قد يذهب جماله، يحب أهلها المطر ويفرحون به، ويتذكرون إنشودة قديمة فيقول أهلها بأفواههم (يا مطرا حطي حطي) وقلوبهم تتمنى عكس ذلك حتى لا يرون ويسمعون ما يرونه ويسمعونه في كل مرة يهطل المطر..
تتراءى على أعينهم معاناة عروسهم في كل مرة يُنزل الله الغيث ويفرحون به ساعة نزوله ثم يعانون منه أيامًا وربما أسابيعًا بعد ذلك، وقد يستمر بعضهم ينتابه شعور بالحزن كلما تذكر المطر أو سمع صوت الرعد شعورٌ بالفقد لشيء عزيز ترك جرحًا غائرًا في القلب يصعب إلتئامه.
يهطل المطر فتظهر التجاعيد على وجه العروس، التجاعيد التي لا نعلم أهي عيوب خلقيه نشأت منذ ولادة العروس أم هي آثار لجراح عميقة أحدثها الزمن وتركها علامة فارقة على جبينها تُذكرها بمن رعاها في فترات سابقة ونحن نؤمن بأنهم أدوا جهدهم بما يتناسب مع فترات رعايتها، ولكن لم تجد الرعاية التي تحسن صورتها في ذاكرة أهلها، عندما كانوا يرونها والجراح تنهش في أطرافها فيفرحون لعلمهم أن هذه الجراح هي لمبضع جراح ماهر لإجراء عمليات تجميل لوجهها وأطرافها فيرونها بعد إنتهاء عمليات التجميل وقد بدأت كأحسن ما تكون، فيأتي المطر وتعود إلى شبه حالتها السابقة منذ أن عرفوها من سنين وكأنهم يرونها عندما كانت فتية صغيرة تحب المطر كشعور داخلي عميق بعمق مشاعر أهلها الطيبين ولكنها في نفس الوقت تتمنى أن يهطل على أطرافها ويتركها وشأنها تجنبًا للمعاناة التي تعانيها وأهلها بعد المطر.
بعد أن يهطل المطر يرفع أهلها أكفهم إلى السماء بأن يعيد لعروسهم بهجتها ونضارتها ووجهها الجميل، فيعود ولكن بعد أن ينتشر فيها ضيوف غير مرغوب فيهم، بعضهم يزحف وبعضهم يطير مصدرًا صوتا مزعجًا يحط على أجسادهم ويرحل بعد أن يترك أثارًا حمراء وزرقاء على وجوههم وأطرافهم هم وأطفالهم وقد يغادر بعضهم إلى مكان آخر لن يُرى بعده.
عبدالعزيز بن مبروك الصحفي
مقالات سابقة للكاتب