تعد النخلة سيدة الأشجار والصحراء ورمزاً للحياة والعطاء والبقاء والوجود وهي من أكثر الأشجار وروداً في ذاكرة الشعر العربي القديم والحديث .
الإنسان إبن بيئته عاش تحت النخلة وأكل من ثمرها واستظل بظلها واستخدم جذوعها أعمدة لبيته ومنها غذاءه ودواءه وفراشه وطعام دابته ، رافقها في عصوره المختلفة فهي تعطي الإنسان كل مايحتاجه فقد قدستها الأمم القديمة وجعلتها رمزاً للبقاء كما عند البابليين والفراعنة ، فمن يقرأ الأدب العربي يجد أن النخلة أُستعملت كرمزاً لتعميق الدلالة الإحائيه في الأعمال الأدبية ، ومن العجب الصورة الفنية المتشابه للنخلة التي رمزت للمرأة في الشعر العربي الفصيح والشعبي رغم البعد الزمني بينهما.
يقول امرئ القيس في معلقتة مشبها المرأة بالنخلة :
وفَـرْعٍ يَـزِيْـنُ الـمَــتْـنَ أسْـوَدَ فَــاحِــمٍ
أثِــيْــثٍ كَــقِــنْــوِ الـنَّــخْـلَـةِ المُتَـعَـثْكِل
أما الشاعر صفي الدين الحلي فالنخيل عنده رمز الود والوفاء للمرأة :
لديّ تصحّ ثمارُ الوفاءِ..
لصَبريَ عندَ انقلابِ الهَوَى
وينبت عندي نخيلُ الودادِ ..
لأنكَ عندي دفنتَ النوَى
أما إبن سهل الأندلسي فيرى لقاء الأحباب بعد طول الغياب ، كعطاء النخل :
أهدى التلاقي صُبْحَ وجهك مُسْفِرا
فحمدتُ عند الصبحِ عاقبة َ السُّرى
اللَّهُ أكبرُ قد رأيتُ بكَ الذي
يلقاهُ كلُّ مكبرٍ إن كبرا
أُمنيَّة ٌكم أبطأتْ لكنْ حَلَتْ
كالنخلِ طابَ قطافُهُ وتأخّرا..
واستخدم الشعراء الشعبيين النخلة رمزاً للمرأة ، حيث يقول الشاعر حسين المسعودي الهذلي في مجروره غزلية :
تمر اللبانه ميل العرجون
قض الصريف وميل الفنا
ياليت وليا ماش دونه دون
والغرس غرسي والنخيل إلنا
ويقول الشاعر السلمي ويصف مغامراته :
أنا أحمد الله عمري ماراح علي أبلاش
خمسة عشر متلبنه أكلتها غير الهلاس
ويقول خلف بن هذال في نفس المعنى :
يانخلة الوادي أبي من رطبكي
لكني ما أبغى حزب الاحساد يدرون
دونك شجر يطلع ثمر شوك شبكي
ومن شوككم وقع على الكبد طاعون
مدري لو ان الحظ طلق نشبكي ..
فالنخلة أم الفواكه ورمزاً للشخصية العربية ، أصلها ثابت وفرعها في السماء ، ضرب الله بها الأمثال في القران ، وشبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن بها ، وقد أكد ذكر أحد المستشرقين أن النخلة شجرة عربية فيجب علينا أن نهتم بها ونحافظ عليها ونغرسها في بيوتنا ومنازلنا .
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً
يُرمى بصخرٍ فيعطي أطيب الثمرِ .
مقالات سابقة للكاتب