دعشنة !

   أي جنون يعيشونه؟ وأي جرأة على الدماء المعصومة؟ وأي فكر يحمله هؤلاء؟ قلوب قدت من صخر، وقناعات بنيت على وهم، ظن أصحابها أنهم إلى جنات الخلد سائرون،وعلى طريق مليء بجثث وجماجم المسلمين غير متنكبين، نهر من الدماء المسفوكة ، وإزهاق لأنفس بريئة ، كل هذا عربون دخول الجنة بزعمهم! ويحسب أحدهم أنه على شيء وليس على شيء كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الإمام أحمد في المسند وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.

    عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا أن بين يدي الساعة الهرج. قيل:وما الهرج؟ قال الكذب والقتل. قالوا: أكثر مما نقتل الآن؟ قال : إنه ليس بقتلكم الكفار، ولكنه قتل بعضكم بعضاَ ، حتى يقتل الرجل جاره ، ويقتل الأخ أخاه، ويقتل عمه ، ويقتل ابن عمه . قالوا سبحان الله ! ومعنا عقولنا؟ قال: لا ، إلا أنه ينزع عقول أهل ذلك الزمان ، حتى يحسب أحدكم أنه على شيء وليس على شيء).

     “هل قتل نوح عليه السلام ابنه الكافر؟ لقد استمر يدعوه للركوب والنجاة معه إلى أن حال بينهما الموج. هل استباح إبراهيم عليه السلام دم أبيه الكافر؟ بل خاطبه بلهجة تسيل أدباً ورقة، مبيناً بالبرهان العقلي بطلان عبادته للأصنام ، واستغفر له إلى أن نهاه الله عز وجل عن ذلك وبين له أنه عدو لله. زوجة لوط عليه السلام كافرة مؤذية له وللمؤمنين معه ولم يقتلها.عم الرسول صلى الله عليه وسلم كان كافراً ولم يقتله بل كان يحاول جهده أن لا يموت على الشرك والكفر بالله “.

     عقول قد تم غسلها تماماً بماء التطرف والفهم الأعوج لنصوص الدين ، ومكانة الجهاد منه، إنهم يعيشون أزمة فكر والفكر يجب أن يجابه بالفكر من قبل أهل الفكر المؤهلين من العلماء والمفكرون وقادة الرأي لاحتواء هؤلاء ولملمة من أندفع منهم نحو هاوية هذا الوادي السحيق ، ولنحذر من المعالجة التي يتصدرها البعض ممن يسمون بالفنانين فهم يزيدون الطين بلة ، والنار حطباً.

     “تكفى يا سعد” ، عبارة تهز كيان من له قلب فضلاً عن دين يحرم قتل الأنفس المعصومة  ، لكنها لم تجد أذناً صاغية ، ويد على زناد الغدر ضاغطة ، فأردت أقرب الأقربين قتيلاً ، وبأعصاب كالثلج باردة !!

     إن هذه العينة من الشباب هم عبء على الأمة جمعاء ، يزيدون من جراحها وآلامها في وقت تكالبت فيه الأمم عليها ، وأصبحت كاليتيم على مائدة اللئام ، وكسفينة أضاع قائدها بوصلة اتجاهه ، فأصبحت تتلاعب بها الأمواج يمنة ويسرة ، فأنى لها اليابسة وبر الأمان؟!

محمد سعيد الصحفي / محاضر بالكلية  التقنية بجدة

مقالات سابقة للكاتب :

للمتخلفين فقط !

داعش وأشياء أخرى .. !

– مكالمة من خارج الحدود

– تحطيم الأصنام

– إياك أعني !

– حرث البحر !

– يا من لا يزول ملكه

– وفد العزايم

– النذير العريان

– الرأي والرأي الآخر !

 أعطني شاشة ، أعطيك شعباً

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “دعشنة !

أبوسعود

مقال جميل يا أبوعمر
لا فض فوك
ما نقول إلا نسأل الله العفو والعافية وأن لا يزيغ قلوبنا بعد أن هدانا

أحمد مهنا

كلنا بقولك هذا نقول ياأباعمر..لكنك كتبت بأسلوب مميزنسأل الله العافية ونبرأ إلى الله من فعل الدواعش ونعوذ بالله من كل شر وفتنة وندعو الله أن يهدي كل ضال إلى الصواب.
مقال قيم !

السحاب

كفانا الله شر هؤلاء الدواعش
بعد هذه الحادثة على كل رب أسرة أن ينتبه لأبنائه
مع من هم سارحون وساهرون
وعلى أي شبكة من شبكات التواصل الاجتماعي هم متابعون
أن المسؤولية الأكبر هي على أولياء الأمور
ثم على المجتمع والمدارس والجامعات والكليات
نسأل الله لهم الصلاح

سعد المولد

مقال رائع من مبدع دائما يستحق أن يكتب بماء الذهب

متعب

[“تكفى يا سعد” ، عبارة تهز كيان من له قلب فضلاً عن دين يحرم قتل الأنفس المعصومة ، لكنها لم تجد أذناً صاغية ، ويد على زناد الغدر ضاغطة ، فأردت أقرب الأقربين قتيلاً ، وبأعصاب كالثلج باردة !]
أهنيك على هذا الأسلوب الرائع في الكتابة
موفق وإلى الأمام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *