الجواهر النفيسة

من! أبو عبدالله موجود؟ انقلب البيت! تراودت الأفكار! ما الخبر؟ متى؟ كيف حصل هذا؟ أسرع الأب بسرعة جنونية! بدأ الخوف والتساؤلات!! أين هي؟ غير صحيح!! مستحيـــل!!



رنّ الهاتف ويا ليته ما رنّ في تلك الحظة ، تذكرت وقتها [ كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ] ، تلخبطت أفكاري ومشاريعي وأَسْهُم تجارتي ، ونسيت أعظم مشروع في حياتي لم انتبه له يوماً ما إلا بعد ما فات الأوان ورنّ الهاتف وانتهت المكالمة .. 



إذا تملكُ ثلاثة جواهر في حياتك وأحسنت استثمارها ورعايتها وتخطيطها ومشاريع تجارتها فسوف تملكُ جنّة عرضها السموات والأرض ، فكيف تضيع منك هذه الجواهر بالسماح لها أن تذهب إلى تاجرٍ غير أمين ، ويغفل عن صيانتها ، ويستغلّ جمال الجواهر في تجارة دنيئة [ لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ] ..



تنظرُ من حولك فترى الجواهر الثمينة بابتسامة فاخرة – عياذا بالله – مع غير ذي محرم فتارة السائق ، وتارة ولد الخالة ، وتارة صاحب زميلتها ، وتارة سائق أجنبي ، وكأنها مع محرمها تجول في كل مكان ، بإهمال مباشرٍ من صاحب الجواهر متمثلاً إهماله في الكسل أو التجارة الدنيوية أو بقوله بأن المجتمع أصبح كله هكذا .. 



إذا تمّ التغافل عن الجواهر الثمينة وجب على الأمنُ في بلادنا التدخل في الحفاظ على هذه الكنوز الغالية ، متمثلاً في رجال الهيئة أو رجال السلطة أو رجال الحسبة ، بالوقوف تجاه هذه الجواهر ومكتسباتها في المستقبل بالحفاظ عليها إذا ضاعت من قبل التاجر الذي يعمل في المؤسسة الأُسَريّة .. 



انتشر في مجتمعنا ظاهرة ( توصيل الطلبات ) وما تحلو هذه الظاهرة إلا ليلاً سواءً من أصحاب المحلات أو من الجوهوة الثمينة ، واضعين الخطر والقلق وراء ظهورهم بل تغافلوا عن الحبيب محمدٍ بن عبدالله [ ما مسّت يد رسول الله – صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ] ولربما يعتقد البعض أنّي أبالغ في ذلك – كيف تحصل الملامسة بتوصيل طلبات – فلسان حالي أتوصيل الطلبات يتمّ من خلال اليد أم من خلال الإتصال اللاسلكي ؟فهذه جوهرة ثمنية نحتاج صيانتها بألاّ ننساق خلف أمور تبعث بنا القلق وسماع صوت الهاتف يوماً ما بأن الجوهرة الثمينة اخْتُطفَت وضاع ثمنها ..



إذا نظرنا للجواهر من زاوية العاطفة وأنها تريد مواكبة العصر بخروجها مع السائق المتهوّر فكرياً وخُلُقيّا ، فبَدَأت من هنا برسم الخطوات الأولى لضياع الفكر التربوي العاطفي والمسار الإنحرافي بالوعود الزائفة والإتصالات الواهمة بالحب والإستعطاف الدنيئ والمكالمات بالساعات ، والذهاب مع عاطفتها في المشاكل العائلية أو المدرسية ، رويداً رويداً حتى يرنّ الهاتف من قبل المؤسسة الأمنية ، آنذاك ضاعت الجواهر بسبب تقصيرنا في مسؤولية ذهاب الجوهرة مع من تشاء ومتى تشاء وإلى من تشاء ..



رأيتُ في أحدِ الكليّات بجدة وإذا بتلك الجواهر الثمينة تخرجن من سيّارة فاقع لونها تسر الناظرين وذلك الشاب الوسيم الذي لا يقرب إليها وفي حقيقة الأمر صديق زميلتها وصوتهن يعلو بالضحكات في ظهر ذلك اليوم ثم ركبن باص الطالبات وكأنّهنّ لم يعملن شيئا ، فقلتُ في نفسي كيف تنام عينُ من كان سبباً في ضياع هذه الجواهر الثمينة ، وقتها تداركتُ أنّ فقدان الإهتمام للجواهر الثمينة من قبل التاجر – الوالدين – هم السبب في ذلك ..



تقضي الجواهر الثمينة بالساعات مع السائق المستعار ، تارة سائق لفلان وتارة لفلان ، وتارة للشيطان ، وتارة للهوى ، فتنظر في حاله دون رقيب ولا حسيب ، بل استحلّ الأمرُ وأصبح عادة من العادات فشرئبّت القلوب حتى أصبح مطبوع عليها الران فلا تَكْتَسب ولا يُكْتسب ، بل انتهكت حرمة الله بفساد الجواهر الثمينة ..



خسر التاجر الجواهر الثمينة وضاعت الأرباح وفقد رأس المال فبدأ يراجع حساباته التجارية في المؤسسة العائلية فوجد أسباب الخسارة تارة بالوازع الديني وتارة بالدلال الزائد وتارة بالبرامج الغير هادفة وتارة بصديقات العُمُر وتارة بالمشكلات الأسرية ..



< ومضة > ..

امتلك ثلاثة جواهر نفيسة .. حافظ عليها ، وادخل الجنّة !!

مقالات سابقة للكاتب