كيف تتعاملين مع أم زوجك ؟

الملخص:

زوجة تشكو من تسلُّط أم زوجها وغيرتها الشديدة منها، ومع ذلك فهي صابرة متحمِّلة، وتسأل: هل هذا التغافل حكمة أو ضَعف شخصية؟

♦التفاصيل:

أنا أمٌّ لثلاثة أبناء، متزوجة من دكتور جامعي منذ عقد من الزمان، زوجي الابن الأكبر لعائلة مكونة من تسعة أفراد، عانيت الأمَرَّيْن من أمه ومن زوجات إخوته، مِن غيرة أمه الشديدة ومن كلامها المؤلم، حتى وصل بي الأمر إلى طبيب الأعصاب، وأصبحت أصبُّ جام غضبي على التوءَم الذي كنت أربيه وأنا ابنة تسع عشرة سنة، إذا ما رأت زوجي يساعدني في أي شيء في المنزل، تقيم الدنيا ولا تُقعدها، كل الناس يخافون لسانَها السليط ويَحذرون منها، وكثيرًا ما حذَّروني منها، لكن إلى أين المفر؟ وهي تأتي إلى بيتي ثلاث مرات يوميًّا، وتسهر معنا بعد العشاء حتى النوم، إذا ما تكلمنا كلامًا عاديًّا، فإنها تلتقط ما تشاء وتفسره على هواها كما تشاء، وتقيم الدنيا ولا تقعدها، وسأضرب لكم أمثلة تبين مدى تسلُّطها وجبروتها عليَّ وعلى ابنها:

زرع زوجي ست وعشرين شجرة زيتون، وأمه تريد أن تجنيَ الزيتون، فأخبرها زوجي ألَّا تجنيَ الزيتون حتى يتم الأولاد دراستهم، فقلبت الدنيا رأسًا على عقب، وقالت أنه يتهمها بالسرقة، حتى أعطاها زوجي كل أشجار الزيتون، وموقف آخر، فقد قام زوجي بعمل مشروع لتربية الدجاج، فكانت تأخذ معه نسبة، بالإضافة إلى سرقتها الطعام وإطعامها حيواناتِها، وكذلك كانت تسرق الدجاج، وأخذت من منتجهم الفلاحي وباعته، وقد اعترفت بذلك بعد أن افتُضِحَ أمرُها، وإذا ما رأتني لابسة لباسًا جديدًا – وهذا في النادر – تسألني مرارًا: من أين اشتريتِه؟ وكيف؟ مع أنها تلبس هي وبناتها أفضل مني، حتى إن بنتها تخيط لي أثوابي الجديدة وأدفع لها، فأصبحت أخشى أن ألبس جديدًا، أو أشتريَ أي شيء جديد، أم زوجي تأخذ منه مصروفًا شهريًّا لها ولابنتها، رغم أن بيتي المستأجر لا يليق إطلاقًا ببيت دكتور جامعي، ليس في بيتنا أسِرَّة، فأولادي يفترشون الأرض كي يناموا، ملابسهم في أدراج لا خزانة، لم يُضَفْ لها جديدًا منذ سنوات، اللهم إلا ما تشتريه لي أمي التي أخفي عليها حالي، وأقسم لأم زوجي أن من اشترته لي هي أمي، وهي لا تصدِّقني، وأم زوجي مع كل هذا تنصح بناتها بأن يكنَّ شديدات مع أمهات أزواجهن، فهل صمتي واحترامي لها ضعف شخصية أو حكمة؟ أرشدوني وجزاكم الله خيرًا.

♦الجواب :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ: أنكِ متزوجة ولديكِ أطفال، وتعانين من تعامل أم زوجكِ معكِ، بتسلطها وتدخُّلها في أمور حياتكِ، ووصل الحال بكِ إلى الخوف من لسانها السليط، وغيرتها الشديدة من أي لبس تلبسينه؛ حيث تحقق معكِ فيه: من أين لكِ هذا؟ وكيف؟ ويصل الحد بكِ للحلف أنه من أمكِ، ومع هذا تشك في كلامكِ؛ مما نغَّص عليكِ حياتكِ في بيتكِ، وتسألين: هل السكوت عليها حكمة أو ضعف شخصية؟

فنقول وبالله التوفيق:

أولًا: اعلمي أن صبركِ وتحملكِ وتغافلكِ عن رد الإساءة بالإساءة ليس ضعف شخصية، إنما هو من الحكمة والحِلم الذي تتمتعين به، زادكِ الله توفيقًا وصبرًا وتحملًا؛ ففي حديث عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس: ((إن فيك خَصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة))؛ [رواه مسلم].

فمن معاني الحلم: كف النفس عن الغضب.

ومن معاني الأناة: التُّؤدة، والتروي، والنظر في الأمور والعواقب قبل أن يُقدِمَ الإنسان على القول أو العمل، فلا يستعجل، فالزمي هذا الأسلوب حتى يجعل الله لكِ مخرجًا وفرجًا.

ثانيًا: مارسي حياتكِ بشكل طبيعي من مأكلكِ ومشربكِ وملبسكِ، ولا تتحسَّسي من سؤال أم زوجك، بل أجِيبيها بأن الله رزقكِ هذا، ولا مانع من التورية، رُزقتُ هذا بفضل من الله.

ثالثًا: حاولي أن تكسبيها في صفكِ أنتِ وزوجات إخوة زوجكِ بالاحترام والتقدير وتقديم الهدايا لها، بمدحها على السلوك الإيجابي؛ حتى تسلموا من شرها وأذيَّتها.

رابعًا: اهتمي بزوجكِ أكثر، وقِفي بجانبه فهو يعيش في حيرة من أمره، لا يريد أن يغضب أمه مخافة الوقوع في العقوق، ويتألم إذا رأى وقوع الظلم عليكِ، فاعذريه، واصبري ما دمتِ تتحملين ذلك، وتجاهلي المواقف التي يمكن تجاهلها وأسرِّيها في نفسكِ، ولا تخبري بها زوجكِ.

خامسًا: حاولي أن تَملئي فراغ أم زوجكِ بما يشغلها في الخير؛ مثلًا: دلالتها على التطوع والمشاركة في مجالات الخير؛ مثل: دُور تحفيظ، أو دُور أيتام، أو أي مجال في خصوصية للنساء، تشغل وقتها وفراغها به، أو اقتراح مشروع زراعي ما دام متاحًا لديكم، والتعاون معها ومساعدتها في ذلك، كل ذلك يحد من التوتر، ويجلب الرضا، وتتحسن الأمور بإذن الله.

سادسًا: حاولي الابتعاد عن التصادم معها في أي موقف من المواقف، ولو لزمتِ الصمت وتغيير الموضوع وتجاهله، فسيكون أسلم لك، فادفعي بالتي هي أحسن؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].

سابعًا: حاولي أن تتدارسي المواقف السلبية الصادرة منها مع زوجكِ بهدوء، ليس من باب التشكي، بل من باب البحث عن الحلول، ولا تكثري على زوجكِ هذا؛ لأنه يتألم ولا يبدي ذلك.

ثامنًا: اجعلي علاقتكِ مع بناتها علاقة ودٍّ واحترام وتقدير، لا تحاولي فتح جبهات عليكِ منهن، بل إن استطعتِ أن تجعليهن في صفكِ في الحق لا في الظلم، فهذا مطلب؛ ليكونوا عونًا بعد الله لكِ.

تاسعًا: حافظي على دينكِ وعقيدتكِ وصلاتكِ، وخاصة الفرائض، وابتهلي لله بالدعاء أن يشرح صدر أم زوجكِ تجاهكِ، وأن يعطيَكِ خيرها، ويكفيَكِ شرها، وأن يربط على قلبكِ، ويلهمكِ الصبر والتحمل؛ فإن الدعاء سلاح المؤمن.

أسأل الله أن يزيدكِ صبرًا وأجرًا، وأن يجعلكِ مباركة أينما كنتِ، وأن يكفيَكِ شر الحاقدين والحاسدين، وأن يرزقكِ السعادة في الدنيا والآخرة.

المستشار الأسري

د. صلاح محمد الشيخ
دكتوراة من الجامعة الاسلامية كلية الدعوة وأصول الدين – قسم التربية 
ماجستير  من جامعة أم القرى – كلية التربية – قسم التربية 
دبلوم المستشار الأسري 
دورة مهارات تقديم الاستشارات الأسرية عبر الهاتف
خبرة في مجال التربية والتعليم تزيد عن ٢٦ سنةً
 
لاستقبال استشاراتكم الأسرية الرجاء الإطلاع على الرابط التالي : https://ghrannews.com////////////?p=169502

تعليق واحد على “كيف تتعاملين مع أم زوجك ؟

سعدى

الحكمة ضالة المؤمن فأين وجدها فهو أولى بها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *