تعد النُخَب من مكونات المجتمع البشري وفئاته الفاعلة..
هذه النخب لها نعوت اصطلح عليها عند الإشارة إليهم، من أبرزها: مشائخ، أعيان، وجهاء، علية القوم، أهل الحل والعقد، وغيرها من المسميات الدالة على التراتبية الاجتماعية ذات الطابع الطبقي، كما يراها البعض.
تلك المسميات الرصينة للنخب يقابلها أخرى دالةٌ على من سواهم في المجتمع، ولعل أكثرها تداولاً: العوام، الدهماء، السواد الأعظم، وما إلى ذلك من مسميات ذات علاقة بالتصنيف الاجتماعي.
وبعيداً عن جدلية الصورة الانشطارية للمجتمع، ثمة واقع بارز أخبر الله به في كتابه الكريم عن تفاضل الناس بعضهم على بعض، يقول الله تعالى: ” انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا” ( الإسراء ٢١).
ومن التفضيل الدنيوي: المال، والمعرفة، والحكمة، والجاه، والمنصب، وغيرها من الصفات المُكْسِبَةِ للنخب قوة التأثير، مما مكنهم من قيادة دفة المجتمع، وخلق الوعي فيه، وصناعة رأيه وتوجيهه إلى ما تراه يعود بالنفع والفائدة، باذلةً في سبيل ذلك نفيس ما تملكُ من مالٍ ووقت.
ومن البداهة بمكان القول أن النُخب الفاعلة في المجتمع هي ذات المرجعية الدينية التي تُعرف بصدق النية وإخلاص الطوية، كأن فيها قبسٌ من السلف الصالح وعبقٌ من بقية صحبتهم، يعيشون في حالة إنكار دائم للذات في كل ما يقدمون للمجتمع.
وأيضاً من النخب المؤثرة في المجتمع من كانت منطلقاته قبلية أو مناطقية، وغالباً ما يكون من رفيعي العماد، وكثيري الرماد، يُنظر بأنه للحكمة أهل، وللعقدة مُحِلْ، ينافح عن المصالح، ويسعى في التصالح.
وبالحديث عن النخب، لابد من ذكر النخب الكرتونية، والرموز الهلامية، وهي التي ترعد وتبرق دون أن تمطر، أشبه ما تكون بالنباتات المتسلقة المعتمدةُ في ارتفاعها على غيرها، وكالفطريات التي لاتنمو إلا في الظروف المستقرة والطبيعية، وعند أول أزمة يتعرض لها المجتمع تتجلى حقيقتها من خلال المواقف التي تغربلها، والأدوار التي تلعبها.
من المُسلم به أن يعتري المجتمع أزمات يتمايز فيها الناس، فتكون أشبه بخريف للنخب يتساقط فيه البعض.
وهم في هذا السقوط على علات، منهم من يُصاب بشلل إدراكي يعجز معه في حسن التصرف مع ما يدور من حوله، وآخر يعتقد الحياد ملجأً له من الهاوية، فيتخذ الحيادَ في أمرٍ يُعد الحياد فيه سقوط أخلاقي وخذلان للحق، ومنهم من تملكته حظوظ النفس، وغلبته شهوة المكاسب الشخصية والمغانم الفئوية، دون مراعاة للأحكام الشرعية أو الأعراف الاجتماعية.
قصارى القول، المجتمع ليس معصوب العينين، فهو يرفع من ينسجم مع ضميره، ويُجل من يدافع عن مصيره، كما أنه يُسقط أولئك الذين كضروع معزٍ ليس لها أرماث.
سامح عبدالرحيم الصحفي
مقالات سابقة للكاتب