ضرورة المسارعة بالزواج

الملخص:

شاب اعتاد قبل نومه أن يحتضن وسادته ويكلِّمها كأنها زوجته؛ فهو يريد الزواج بشدة وأهله يرونه صغيرًا، ويسأل: هل هذه العادة حرام؟

♦التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أنا أبلغ التاسعة عشرة من العمر، مشكلتي أنني أريد أن أتزوج ولا أستطيع الانتظار، وأهلي يقولون لي أني ما زلت صغيرًا، قبل النوم أحتضن وسادتي، وأخاطبها كأنها امرأتي وأقبِّلها، ويعجبني هذا الأمر، وأشعر بأنه حقيقة، الآن أصبحت هذه عادة لي كل يوم قبل النوم أتكلم وأطرح أسئلة، وأجيب عنها بنفسي، وأستمتع بهذا الشيء، فهل هذا يجوز؟ أو هل هذه العادة حرام؟ وجزاكم الله خيرًا.

♦الجواب :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ أما بعد:

فملخص مشكلتك: تقول أن عمرك ١٩ سنةً، وترغب في الزواج، وأهلك يرفضون بحجة أنك لا زلتَ صغيرًا، وإذا أويتَ إلى فراشك، فإنك تحتضن الوسادة وتحدِّثها حديث النفس، وتتخيلها كأنها زوجتك، وتسعد بذلك، وأصبحت عادة لديك، وتسأل عن هذا الفعل: أحرام أم حلال؟ وكيف تتخلص من هذه العادة؟

الجواب: أخي الكريم، نشكر لك حرصك على دينك، واستفتاءك عندما رأيت من نفسك هذا الفعل الذي شككتَ في كونه حلالًا، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على طيب معدنك، وخشيتك لله تعالى وخوفك من الوقوع في المعصية؛ لذا فإنني أوصيك بالآتي:

١- احمدِ الله تعالى على نعمة الإيمان والهداية، فإنها من أجلِّ النعم على الإنسان، وأسأل الله تعالى الثبات على الدين حتى تلقاه.

٢- أَعلِمْ أهلك أنك تتحمل المسؤولية، وليس كما يفهمون أنك صغير، وذكِّرهم بأن الشباب من الصحابة كانوا يتحملون المسؤوليات في حدود هذه الأعمار، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهز جيشًا لمحاربة الروم، ويؤمِّر عليه أسامة بن زيد وكان عمره ١٧ سنةً، رغم أن الجيش فيه أكابر الصحابة؛ مثل: أبي بكر، وعمر، وعثمان.

٣- إذا كنتَ مقتدرًا وتريد أن تحصنَ نفسك بالزواج، فحاول إقناع أهلك بالموافقة، وذكِّرهم بحديث عبدالله بن مسعود أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء))؛ [متفق عليه].

٤- تخلَّص مِن عادة حضن الوسادة، وأبعد عنك تخيُّلَها كأنها زوجتك، ولا تسترسل مع هذا الخيال، واعلم أن الله تعالى يقول: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المعارج: 29 – 31]، ونلاحظ أن الله أصدر في آخر الآيات تحذيرًا لمن تجاوز الزوجة أو ملك اليمين في إفراغ شهوته بأي وسيلة كانت.

٥- عليك باستبدال الذي هو خير بالذي هو أدنى، وذلك بالحرص على أذكار النوم والمحافظة عليها؛ ومنها ما يلي:

أ- النفث في الكفين بالمعوذات ثلاثًا:

عن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفَيْهِ، ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات))؛ النفث: نفخ لطيف بلا ريق؛ [رواه البخاري].

ب- آية الكرسي:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنَّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم – فذكر الحديث – فقال: إذا أويتَ إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي، لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان))؛ [رواه البخاري].

ج- آخر آيتين من سورة البقرة:

عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه))؛ [رواه البخاري ومسلم]، واختلف العلماء في معنى (كفتاه)، فقيل: من الآفات في ليلته، وقيل: كفتاه من قيام ليلته، ويجوز أن يراد به الأمران، والله أعلم.

 

د- إذا أردت النوم، فعن البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتيتَ مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن متَّ من ليلتك، فأنت على الفطرة، واجعلهنَّ آخر ما تتكلم به، قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، قلت: ورسولك، قال: لا، ونبيك الذي أرسلت))؛ [رواه البخاري ومسلم].

هـ- وتقول: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتَها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفض فراشه بداخلة إزاره؛ فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين))؛ [رواه البخاري ومسلم].

و- التسبيح ثلاثًا وثلاثين مرة، والتحميد ثلاثًا وثلاثين، والتكبير أربعًا وثلاثين؛ فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((أن فاطمة رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادمًا، فقال: ألا أُخبركِ ما هو خير لك منه؟ تسبحين الله عند منامك ثلاثًا وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثًا وثلاثين، وتكبِّرين الله أربعًا وثلاثين، فما تركتُها بعدُ، قيل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين))؛ [رواه البخاري ومسلم].

أسأل الله العلي القدير أن يطهِّر قلبك، ويحصِّن فرجك، ويرزُقك الزوجة الصالحة التي تعينك على طاعة الله، وتُرزَق منها الذرية الطيبة، وصلى الله على سيدنا محمد.

المستشار الأسري

د. صلاح محمد الشيخ
دكتوراة من الجامعة الاسلامية كلية الدعوة وأصول الدين – قسم التربية 
ماجستير  من جامعة أم القرى – كلية التربية – قسم التربية 
دبلوم المستشار الأسري 
دورة مهارات تقديم الاستشارات الأسرية عبر الهاتف
خبرة في مجال التربية والتعليم تزيد عن ٢٦ سنةً
 
لاستقبال استشاراتكم الأسرية الرجاء الإطلاع على الرابط التالي : https://ghrannews.com////////////?p=169502

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *