قال الله تعالى : {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}
وقال تعالى :{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ}.
وعنه صلى الله عليه وسلم : إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ .
ويقول عثمان بن عفان – رضي الله عنه -:(لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربِّنا).
إن من أعظم نعم الله علينا أن جعلنا مسلمين ، وخصنا بنعمة العروبة نتحدث بلغة القرآن نعيش في أسرة مسلمة تقرأ القرآن دون أدنى مشقة.
وتزداد بنا الغبطة أن جعلنا من هذا البلد المعطاء بلد القرآن الكريم ، وسنة المصطفى صلى الله عليه و سلم .
بلد نجد فيه، وبكل يسر ، وسهوله من يعيننا على تدبّر كلام الخالق جل في علاه .
ولعل من المنَح الربانية التي تشعرنا بالغبطة أن القرآن إذا اسْتقرَّ في قلبِ الإنسان أخرج حياً آخر يحملُ كل معاني الخير ،و المنفعة لنفسه ، ولغيره، ففي جوفِه قلب موحد: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}
وفي قَلْبه للناسِ كلِ الخير ، و الإيثار والعفو ،والصفح ،و الغفران : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}
وفي عمله الإحسان ، و البر بالوالدين : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }
فالقرآن يبني كيان الإنسان، ويصنع منه إنسان صالح يبني أمة عظيمة أقوى ، وأرسخ من كل جبال الأرض الشامخة ،و صخورها الصلبة .
أمة باقية في علوها طالما أنها تحمل الحق الذي لا يقبل إنصاف الحلول إنه الحق المطلق الذي يحق لنا أن نفاخر به، وأن نحافظ عليه حفاظنا على أنفسنا بل، و أكثر من ذلك .
وفي هذه البلاد المباركة، ومنذ عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ، وخدمة كتاب الله من أعظم الأولويات.
فقدحملت هذه البلاد على عاتقها العناية بالقرآن الكريم ، وأولته غاية الاهتمام؛ فجعلته دستوراً لها ومنهج حياة ونظام حكم ، وصولاً إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله، حيث واصلت البلاد عنايتها بكتاب الله ، و شجّعت على حفظه ، وتدبر معانيه ، وتبنّت ونظّمت الكثير من المسابقات في تلاوته ، وحفظه وتفسيره . ليس على مستوى المملكة فحسب بل على النطاق العالمي .
وعلى مستوى وزارة التعليم عَنِيت الوزارةُ بتدريسِ القرآن لسنوات عديدة .
إلا أن مشروع خطة تطوير تدريس القرآن الكريم مشروع وزاري رائد تبنته وزارة التعليم في بلادنا ، وعَنِيت به وبدأ العمل به منذ عامين على مستوى المملكة هذا المشروع جاء حرصًا من قسم العلوم الشرعية في الوزارة على تطوير أداء معلمي ، ومعلمات مادة القرآن الكريم في التأسيس ،والتطوير ، وتحسين إدارة الصف بهدف غرس محبة القرآن الكريم في نفوس المتعلمين، و تلاوة القرآن الكريم بجودة ، وإتقان ، والالتزام بالآداب الشرعية عند تلاوة القرآن وحفظة ،و استخدام إستراتيجيات تعليم القرآن الكريم ، و معالجة الضعف لدى المتعلم في تلاوة القرآن، وتصويب الأخطاء لديهم ، ونطق الآيات ، والكلمات القرآنية نطقًا صحيحًا ، وإخراج الحروف من مخارجها الصحيحة ، و توظيف التقنيات الحديثة في تعليم تلاوة القرآن الكريم .
و إدارة التعليم بجدة عَنِيت بهذا المشروع خير عناية ممثلة في قسم العلوم الشرعية هذا القسم الذي تقوده قائدة ملهمة رسخت في الجميع معنى العمل بروح الفريق قسم يعمل كخلية نحل بفريق تأزري حميمي وثق القرآن الكريم بفضل الله عراه ..
فكان هذا العام مختلف بكل حيثياته ؛ نظراً للأوضاع المستجدة فكان أكثر توهجاً للتغلب على التحديات التي واجهت العالم بأسره ، وعمل القسم على استمرار خطة المشروع في ثلاثة برامج كما خطط لها ، ولله الحمد ووفقًا لتوجيهات الوزارة ، والقائمين عليها ، واستطاع القسم بفضل الله ثم بتكاتف الجميع أن يحول الصعوبات إلى نقاط تحدي فكان النجاح مبهر بالنظر للنتائج التي تحققت ، والأثر لذي تم قياسه من كافة مشرفات العلوم الشرعية في القسم ، ولعل وقوفي على جميع حيثيات البرنامج ، ونتائجه كانت الدافع أن أكتب عن خطة تطوير تدريس القرآن الكريم والقلب ممتلئ حمداً ، وثناء لله تعالى ثم لقسم العلوم الشرعية بتعليم جدة والذي انتمي له انتمائي لمعني الروح في العمل . فقد تقاسم الجميع الجهد والعطاء .
فتلك مدربة أعطت ، وأجزلت العطاء بروح عالية وسمو أخلاقي مفعم بالسخاء .
وآخرى متدربة عاشت الشغف في أعلى مستوياته قومت اللسان ، وأظهرت البيان .
وتلك مسؤوله تابعت بهمة ، ونشاط ذللت كل الصعاب رتبت ، ونظمت ، بكل جدارة .
وآخرى تابعت باحترافية عالية قاست الأثر ، وقدمت الدعم ، والتحفيز ، والتشجيع .
وتلك قائدة ظل وارف على الجميع داعمة ، ومحفزة، ومنجزه لأصعب المهمات .
كل ذلك في جو قرآني كريم عشناه طوال العام الدراسي تشبثت به الروح .
جو تآلفت معه الأرواح ، وتعانقت وإن لم تلتقي ، وما أجمل أن يكون الرابط كلام الله ،وتدبر آياته !!
ولا غرابه في ذلك كله فالقرآن الكريم أعظم ، و أفضل نعمة على وجه الأرض .. والثبات على دلالة القرآن ، و هديه ، و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم أفضل منحة ربانية .
ولعلنا ، ونحن على مشارف شهر رمضان الكريم أن نعقد العزم على استمرار الحياة مع القرآن نملأ به أوقاتنا ، ونطيب فيه قلوبنا ،ومسامعنا حفظًا ، وتلاوة ليتمكن القلب ثم اللسان من إعطاء كتاب الله حقه تدبرًا ، ونطقًا صحيحاً ؛ تستنير معه الروح ويتقد العقل ويقوى الجسد ، ويطيب العمل ويحسن الأثر ..
وما عند الله خير ، وأبْقَى داعين الله أن يحفظ بلادنا ، ويبارك في قادتها ، وعلمائها ،وشعبها ، ويدلهم على الخير ويعينهم عليه .
بقرآننا نرتقي ، وبه ننافس الأمم ، وبنوره نهتدي سواء السبيل .
وصَلِّ الله وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ عَدَدَ إِنْعَامِ الله وَأِفْضَالِهِ.
نويفعة الصحفي
مقالات سابقة للكاتب