سمو الحوار

طربت وازددت طرباً ، ليس للحن غِناء ولا لوتر شادي ولا لبحر هادئ تكسرت أمواجه على شاطئ دافئ في ليلة قمرية ، طربت لحديقة غناء ذات ظلال وارفة وأزهار مائلة وثمار دانية ، سقيت بماء غير آسن لا يتغير لونه .

       ارتاد القراء والأدباء والكتاب وأصحاب الأقلام هذه الحديقة ، ونثروا بها إبداعاتهم وأشعارهم ، وخطوا خواطرهم وتناولوا فيها ملاحظاتهم وتعليقاتهم ودونوا مرئياتهم وآرائهم ، يختلفون تارة ، ويتفقون تارة أخرى .

     كنت أتجول بالحديقة واستمع لحوار جاد وقوي ، وأنتقل إلى ركن آخر فأجد حوارات أكثر سخونة وأشد صلابة متناولة المواضيع الساخنة على الساحة اليوم ، وأنتقل من مقهى ثقافي إلى آخر داخل الحديقة ، فلا أسمع إلا طرباً ، ولا أرى إلا إبداعاً من مرتاديها ، وهم في سمو حواراتهم وأطروحاتهم ، تعالت نفوسهم وتسامت عقولهم ، علموا أن أعقل الناس من جمع إلى عقله عقول الناس ، وأدركوا مغزى سيدنا علي كرم الله وجهه في العبارة التي أثرت عنه : ( اللسان ترجمان الجنان ) ، وفهموا جيدا أن من يكتب للناس هو كمن يعرض عقله عليهم ، فليحسن النطق والكتابة، لذا هم يختلفون حول الأفعال لا الأشخاص ، وينتقدون للنقد الهادف البناء الذي يوصل إلى الحقيقة .

   عجبت لهم وهم في رقي ثقافي في الطرح والحوار والنقاش ووضع التعليقات في صالح الفكرة ، وليس لصاحب الفكرة ، كأنهم تشربوا مقولة الشافعي رضي الله عنه : ( كلامي صواب يحتمل الخطأ وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب ) وتزودوا من فهم (اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية).

       ومما زادني شرفا وتيها مرور الخطباء وأئمة المساجد بين صفوف المتحاورين ، مشاركين ومتفاعلين وناثرين ورودا وطيباً وريحاناً .

         هنا أدركت ؛ بل تيقنت أن زوار حديقتي هم ممن شرف الزمان بهم ، وسرت بهم وسط بستان حلي به من ورق الزبرجد ، فلم أتدخل سوى في رفع غصن قد مال طربا من حسن ذاك الملتقى ، فرفعته كي يرفرف في سمو وعلو .

وأخذت أتمتم في خاطري متبسماً مستبشرا ، شكراً، شكراً لكم كتاب وقراء صحيفة غران .

مقالات سابقة للكاتب

7 تعليق على “سمو الحوار

شكيل

مقال رائع
لو لا ورقة الزبرجد التي سقطت سهوا
او ربما تقصد الصناعي منه
فربما صنعوا له وريقات

لماذا اضفت ياء النسبة الي حديقتي؟؟؟
لو استبدلت  ( بحديقتنا ) لكانت اعم واشمل

وجه نظر

ابوعاصم

شكرا أخي الغالي اباعبدالله
قطعة نثرية مرصعة بألوان من جمال الكلمة وروعة الأسلوب .

مصهلل

لحن غناء
وتر شادي
بحر هاديء
شاطي دافيء

ومقهى ثقافي
يسعدلي جوك ابو عبدالله وين قضيت اجازتك السنه الماضيه

المقال مميز فعلا لو سلم من كلمة ( حديقتي )
فلو كانت حديقتك لوحدك لكان اسمها بإسمك
فماذا نسمي من يعمل بهذه الصحيفه
هل هم عمال براتب ام تطوعي
ثم لو كان هناك دخل مادي لها هل ستقاسمهم اياه ام يكفيهم تأمين لقمة العيش والملبس فقط
اتمنى ان تغير فكرة انا وانا وتستبدلها بنحن
الم يكفيك منصب رئيس التحرير حتى تخرج علينا وتذكرنا بذلك

اتمنى تقبل وجهة نظري بصدر رحب
تحياتي

حرف إدغام

هل قُيدت مساحتكم الحرة يا ابا عبدالله فقد تم حذف مقالي المعنون بنبل الغاية وحماقة الوسيلةاليوم بعد نشره

شكيل

والله كنت علي يقين انه سيحذف
وكنت ممن ينوي التعليق وعندما جهزت الرد 
حذف المقال

وجميل انه حذف لانه سيكون امتداد لموضوع سابق اشبعه المتابعون تعليقا
وستكون الردود فيه اكةر شراسة من سابقة وقد تصل الي امور لا نرضاها جميعا
والذي فهمته من موضوعك انك تقصد شخص وحادثة معينه حتى ولو ادغمتها بغنة في سياق مقالك

وجهة نظر 

ahmed881

اساتذتي . مصهلل . شكيل . حرف ادغام
مازلت أعيش في أجواء ربيعية . في ربوع بلدي وأحضان مدينتي التي بها مدرستي وأعمل في مكتبي . وعشقي لقريتي التي بها حديقتي . حيث شرفت بخدمتها معكم ولكم . ولم أجد في ياء النسبة لها غير قوة انتماء وإخلاص ووفاء. فأن رأيتم ذلك علة ومنقصة . فلا تنكروا على من حذف ياء النسبة من كل شي .
وأنا هنا لست سوى خادم لهذه الحديقة التي أتعهد ها بالرعاية والسقاية . ولم يزعجني اليوم سوى غصن مال عن فرعه فرفعته إلى أصله كي ينموا ويورق ثم يزهر وياطيب ذاك المنظر.
طرب أنتم فكر متدفق ﻻ ينضب حديقة أفكاري تستمد غراسها من عالمية حدايقكم الغناء

مصهلل

كبير ي ابا عبدالله في طرحك وردك
كثر الله من امثالك
تقبلت الانتقاد بصدر رحب ورددت علينا بكل ذوق ولا هو مستغرب منك هالشيء
وتستحق ان تضيف الياء على ماتشاء
والغصن لم يمل وانما رقص طربا من ابداعك

تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *