أول يوم في حياتي القيادية

ارتباك وتبعثر .. تلعثم ونسيان .. فوضى أفكار ورعشة أبدان .. لا خوف من المكان ولا الزمان ولا الانسان بل تشعر بأن جبال الهملايا قد ألقيت على ظهرك ولابد من عبور النهر دون توقف أو ابتلال، أو قد أدخلت في جهاز الأشعة السينية التي تعطي لك صورة ثلاثية الأبعاد فسكناتك وحركاتك وأين وضعت يدك ورعشة صوتك وقوة نبرتك وضعفها كل ذلك مراقب.

آه ثم آه .. أُرهقت من التعليقات ورمق النظرات والتلميحات ثم يقال لك أحسنت أو قد بالغت والاقتراح مفيد بل غير مجد وطويل بل قصير وثقيل لا بل خفيف.

أول يوم في حياتي القيادية صفق لي أهلي وأعطوني باقة ورد بيضاء تفاؤلاً منهم ودعوا لي بالسداد والتوفيق، منهم من ابتسم لي بحب ومنهم ابتسم إعجابا وتفاخراً وراقتني دعوة الوالدين سيري رعاك الله يا صغيرتنا .. نعم فأنا صغيرة في أعينهم مهما بلغت من العمر وما يزال جسدي يحتاج الارتماء بأحضانهما حتى تقوى عزيمتي.

وبعد سويعات في حياتي القيادية قد أحتاج للانفراد بنفسي حتى أواسيها حتى أقول لها أحسنتِ وأضع يدي على أذني ابتعاداً عن سماع التحليلات المحبطة والرافعة للمعنويات على حد سوى ..

نعم أول يوم في الحياة القيادية.. قد يختلف من شخص إلى آخر وبحسب نوع القيادة قد يكون أول يوم في الحياة القيادية: عندما أوكل إليك قيادة فريق العمل، أو عندما حصلت على عمل، أو عندما سُلم لك مفتاح السيارة وقالوا قد بهوادة أو عندما وضعوا بين يديك طفلا وقالوا علمه الشجاعة أو عندما تزوجت وأصبحت مسؤول عن أسرة أو …أو …أو

صدق خير البشر عليه الصلاة والسلام في حديثه الذي نقل عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ أحذر قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)) أخرجهما البخاري ومسلم في صحيحهما.

أول يوم في حياتي القيادية قالوا لا تعبري لا تتجاوزي لا…لا…لا… أُصدقكم القول لم أخف من القيادة بل خِفت من لا وما بعدها ، ثم قالوا لي أنتي القائدة فلا بد من أن ترتدي مجهر فلربما كانت هناك بعض التجاوزات ثم قالوا لابد من أن تضعي قدمك على المكابح ويكون رأسك رادار .. قالوا عند القيادة سيعمل النظر مع العقل و القدم مع اليد كأنهم وضعوني في معزل عما يدور حولي و يا ويلي فأنا أنثى أتقن الحديث وفنه، فكيف أقود وأتحدث هل أصمت ؟ ربما جذبني الحديث فما أفعل ؟ قررت أن أشتري تلك اللواصق العريضة ؛وأضع شرطا لمن سيركب معي أن يضع لاصقة على فيه حتى لا ننطق بكلام ونصل بسلام ! ثم تراجعت عن ذلك فقد يُقال عني السائقة ذات اللواصق. ثم قفز أمام عيني سؤال: كيف ستجلسين الصغار؟ فهم الذين عبثوا بالدار وجعلوه كالدمار ستركبينهم السيارة؟! سيقفزون مرة ومرة سيركلون باب السيارة ومرة سيطلبون فتح نافذة البانوراما.

وإذا كان من بجانبي من الرجال قالوا احذري من الانحدار وهل أنت تقودين قطار ؟ ومتى سنصل للمطار؟

وبعض الأحيان أتراجع عن القيادة ، ثم ترجعني الحاجة فأنت قلت لي لا وقت لدي فأنا أعمل وسأخرج متعبا ولن أجلب لكِ سائقا يجلب لي المتاعب، خذي زمام الأمور وانطلقي.

أول يوم في حياتي القيادية وقفت جانب الطريق وأرجعت رأسي للخلف ثم أخذت بعمق كل الأكسجين وحدثت نفسي بحديث الواثقين قودي بسم رب العالمين.

فاطمة بنت عبدالحميد المغربي 

 

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “أول يوم في حياتي القيادية

عيون المها

♥️♥️♥️

Mohamed

مقال رائع توكلي علي الله ولا تخافي ولا تلتفتي لاي انقاد كلنا في البداية كنا مثلك لا احد يولد خبير أنصحك أن تحكمي العقل وإن تكوني صاحبه قرار وهنا اختي قرارك لابد أن يكون محسوب لانه اذا تراجعتي قد تحدث مالا يحمد عقباه حفظك الله ورعاك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *