عبدالمقصود الذي حَرَّفَ المقصود!

التجربة الإنسانية في إجمالها قائمة على التواصل مع الآخرين، إِذْ يعتبر هذا التواصل جوهر بناء العلاقات الهادفة الذي يأتي في اتجاهين، أولهما، بناء أفضل علاقة شخصية مع شريك الحياة، وثانيهما، بناء علاقة موضوعية وجيدة مع الغرباء.
ولعلَّ بناء هاتين العلاقتين يرتكز أساساً على الطريقة التي نتواصل بها مع كل طرف في أي علاقة.
والملاحظ أن أغلب سوء التواصل تقع إِمَّا لتفسير الآخرين لما نقول بطريقة مختلفة عن الطريقة التي نقصدها، أو لأننا قد نُلّحقُ معنىً مختلفاً لما قيل لنا، ومن ثم نتصرف وفقاً لذلك.
إنَّ فنَّ التواصل هو بالمعنى الذي يستخلصه الناس مما تقول، وليس ما تعتقد أنك قلته.
وهذا المعنى الكامن خلف ما نقول يتكون من كلماتنا، ونبرة أصواتنا، ولغة أجسادنا، ونيتنا الخفية عند الكلام.
ونحن -وفقاً لهذا المفهوم- بحاجةٍ إلى أن نكون أكثر إدراكاً بكل هذه الأدوات التي تُشَكِّل الصورة كاملة في عملية التواصل.
وحتى يصبح حالنا أفضل في التواصل مع الآخرين؛ فإن من المهم أن نعي كيف نتواصل، وكيف نفسر المعنى المخبوء والدفين وراء ما يقال دون أن نعتمد على ظاهر الكلام فقط.
فالأمر برمته يتعلق بكيفية تفسير الآخرين للمعنى الكامن خلف ما تقول، لا ما تقوله فقط بلسانك.
وهذا الأمر يتطلَّبُ منك التزامك بفضيلةٍ ثقافيةٍ لبذْل جهداً مضاعفاً؛ لتوضيح ما تريد؛ وإِلَّا غَدوتَ مثل عبدالمقصود الذي حَرَّفَ المقصود.

سليمان مُسْلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *