يُعتبر الذوق عنصراً مهماً من عناصر الدين الإسلامي، فهو ليس أمراً عارضاً في الدين، بل هو خُلُق إسلامي أصيل، له ترتاح النفوس، وبه تزداد المحبة بين أفراد المجتمع، لذا فكثير من المجتمعات اليوم يقاس رقيها، وتقدمها، ليس فقط بمقدار إنتاجاتها، واختراعاتها، بل أيضاً بمقدار ما يقدم أفرادها من سلوكيات، تدل على ثقافة الذوق العام في المجتمع.
فتعزيز ثقافة الذوق العام تعني: تقوية جملة من السلوكيات والآداب، والعادات والمبادئ، التي تُعبر عن قيم وأخلاق المجتمع، وهويته، وتؤثر في بنائه، وسلامته، وذلك وفق اللوائح والأنظمة المنصوص عليها في نظام الحكم.
ويُصنف الناس تجاه ثقافة الذوق العام إلى ثلاثة أصناف: صنف يعتقد أن الذوق، والأدب، والحضارة قيم غربية، وصنف يعتبر الذوق ليس من أخلاق الإسلام، فيتعامل مع الناس بغير ذوق، وأدب، ورفق، بل بغلظة، وشدة، وعنف، وصنف معتدل في دينه، ليس متشدداً، ولا متطرفاً، فيعتبر الذوق من الأخلاق الإسلامية الفاضلة، فيتعامل مع جميع الناس، سواء كانوا مسلمين، أو غير مسلمين، بخلق الذوق الإسلامي الرفيع.
ولثقافة الذوق العام مظاهر واقعية كثيرة، من أبرزها: اللباس، فاللباس نعمة من نعم الله على عباده، وهو عنصر أساس في ثقافة أي بلد، لذلك حافظ الإسلام على اللباس الخاص بالمسلم، ولكن نجد في واقعنا المعاصر، من أساء استخدام اللباس من الرجال، أو النساء، فخرج بلباس غير لائق، فخالف بذلك مظهر ثقافة الذوق العام في الأماكن العامة.
ومن المظاهر أيضاً آداب الطريق، فقد جاء الإسلام بجملة من الآداب التي تنظم حياة الإنسان، وتحافظ على سلوكياته في الطريق، لكن من الأفراد من يخالف تلك الآداب، فيمتلك الطريق لنفسه، متخذاً الرصيف محلاً للبيع والشراء، ومنهم من يفتح باب السيارة؛ ليبصق في الشارع، وعند الإشارات المرورية، ومنهم من يسد الشارع بسيارته، فينزل منها لشراء حاجة، أو لمشاهدة حادث، أو تصويره، وكل ذلك يُعد مضايقة للناس، وإيذاءً لهم، وخروجاً عن ثقافة الذوق العام.
كذلك من المظاهر، التعامل مع البيئة، فقد حث المولى عز وجل على المحافظة على جمال البيئة، فجعل جمالها من غايات وجود الإنسان، فمن الذوق العام في البيئة، عدم قضاء الحاجة في الأماكن العامة التي يرتادها الناس، ورمي الكمامات، والقفازات في الطرق، والممرات، ومن نوافذ السيارات، وأبوابها، وأيضاً عدم ترك المخلفات، والنفايات عند الشواطئ، وفي الحدائق العامة، أو المتنزهات، مما يؤدي ذلك إلى تشويه تلك الأماكن، وتلويث البيئة بالفيروسات، والأمراض التي يمتد ضررها على صحة الإنسان.
وفي ضوء هذه المظاهر المخالفة لثقافة الذوق العام، أصدرت الجهات المعنية لائحة مخالفي الذوق العام، وذلك بفرض عقوبات مالية، على كل مَنْ يخالف الذوق العام، مِنَ المواطنين، والمقيمين، والسائحين.
فالذوق مفتاح القلوب للإيمان بالله، وقلة الذوق تصد الناس عن الإيمان بالله.
د. سارة بنت إبراهيم الشهيل
عضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود
أكاديمية وكاتبة
مقالات سابقة للكاتب