تعاريف العلم كثيرة ولكن أكثرها قربًا لقلبي (هو نشاطٌ معرفي إنساني مبني على طُرُق و مناهج محددة) إذاً نستنتج بأن العلم هو وسمٌ مرسوم، لا خبطًا و عشوائية و مُجازفة ، واستوقفتني آية كريمة من كتاب الله وكانت هي الباعث لهذه الحروف التي نَصبَ أعينكم تتحدث عن حال فرعون حينما جمع الملأ من حوله بعدما داهمه خطر المُوحِّدين هارون و موسى عليهم السلام، و عدو الله متوجِّس ريبة منهما فـ أشاروا عليه بأن (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ، يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ)… حتى وزراء فرعون طلبوا أهل العِلم و الخبرة لمجابهة موسى عليه السلام وهم على ضلالة بيّنة و موسى وهارون على الحق النيِّر بلا ريب..
وقد نصر الله عباده المُوحِّدين على فرعون وجنده وهو الخَلاَّقُ العليم والقِصة ليست مناط حديثي إنما مناط مدخل استشهادي، جَسَسْتُ بعقلي ما يُخْرِجُه إعلامنا العربي عموماً و الخليجي و المصري خصوصًا في النطاق الديني حصرًا ولن أخوض في غيره اليوم، وللوهلة لمست البراغماتية في الطرح والرغبة في الحصول على أكبر قدر من المشاهدين لإشغال الناس وضَرِّهم فيما يدمر إفهامهم لما كان عليه سلف هذه الأمة المرحومه ..
سهّلوا وصول من لا يعلم للناس كإسلام البحيري و الكيالي والشيخ ميزو وإضرابهم ممن ليسوا إلا عُدَّة ومُفَرِّخين لأعداء العلماء الربّانيين ، فهم ليسوا أهل علم ومع ذلك تتهافت الفضائيات عليهم عطاشى لما في جُعباتِهِم من إثارة جديدة للتأثير على فِطرة الناس ; ومن استودع الله العلم فيه لا يُعطى فرصة كَفُرَصِهِم كأنهم هم الموجودين في الساحة وكل قناة من هذه القنوات تروِّج و تؤكِّد بأنها تسعى لنشر الوعي و الحقيقة بين العامَّة و الفِئام، وهذا بلا شك ازدواجية في المعايير و معضلة تحتاج لحلم الله لا حِلْمُ آدميٍ ضعيف مثلي إلا اللهم إن كانوا جهلة بِـ كَنَه العِلم و ما هيِّتُه و شكله فعليهم بالراسخون فيه لا الدُخَلاءَ عليه و (المُؤقَّتين) كما يطيب لي تسميتهم ) ..
ويؤلمني حينما استمع لهذه الأسماء في جلسة لزملائي أو في استراحة أو مطعم فهذا مؤشر أن إعلامنا نجح في تسميم العقول و المفاهيم لثوابت علّمها محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه وتمسكنا بها لأنها عروة وثقى لا انفصام لها، ولا أملك الا أن اتخذ سبيل ربي وطريقته لموسى وهارون وأقول القول اللّيِّن و اُنَبِّه إخوتي الذين جنوا على العلم مُلاّك المَحَطّات ، إياكم أن يكون ملأُ فرعون الضال المُضِلّ أبصَر بالعلماء منكم فإن الله غيور على شرعِه ومِلَّتِه كيف لا وهو اصطفاها لنفسه لتكون رسالتنا هي الأخيرة ، لا تكونوا وقود بِدعه فتحملون إثمَ من عمل بها إلى أن تقفوا أنتم و فرعون و جنوده على القنطرة بين يدي الله وجُنّدِه (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ).
مطر آل عاطف
مقالات سابقة للكاتب