ينطلقُ قطار التربية غدًا في المؤسسات التعليمية ، بطابع الكنوز المعرفية والمستقبليّة ، لنمو الأجيال في مستقبل مُشرق للأمّة الإسلاميّة ، في ظلّ استقبالٍ لهم من المربّين ، شعارهم بكمْ نبني الأمجاد ونحافظ على مكتسباتنا العلمية والثقافية ، ونجدّد معرفتنا لحاجات المجتمع والتحديّات التي تُعاصره من كلّ مگان ..
يمثّل المربّون غدًا العمود الفقري للتربية ، فاستقبالهم لطلابهم بالابتسامة المجّانيّة يجعل مداها إيجابيًّا في تقبّل المنهج التعليمي ، فأثبتت التجارب والوقائع العلميّة أنّ نسبة [ ٧٥ ٪ ] من الطلاب يحبّون المادة التعليمية بناءً على محبتهم لمربيّها ومن يعطيها ، فالمربّي بأدواته وتعامله يعطي الطالب ما لا يعطيه منهجه الأساسي ، فالتعليم بالملامسة والأثر أكثرُ فائدة من تعليم المعلومات والبيانات .. يتعلّم الطالب قدرة التفكير والإحساس بالمشاعر وبناء الذات ، من خلال المراقبة والمعاينة في المربّي أثناء تأديته للعمليّة التعليميّة ..
ماذا أعدّت المؤسسة التعليميّة [ المدرسة ] غدًا لضيوفها ..؟ هلْ همّها استلام الكتب وتسليمها مثل ما يحدث في كثير من مدارسنا ..؟ هل استشعر المدير أهميّة الاستقبال للضيوف ..؟ هل بنى وخطّط مع مربيه علاج المشاكل التربوية في الترم الأول الدراسي ..؟ لماذا أصبحت المدرسة تشكّل عبئًا على طلابها في العصر الحديث أيها المربّون ..؟
تعتقدُ الأسرة بأنّ أوّل محطّة صعود لقطار التربية هي محطّة التعليم غدًا في مؤسستها التربوية ، ويمثّل هذا الاعتقاد مفهوم خاطئ للتربية وتصوّر قاصر لها ، لكن جرت عادة المجتمع بأن المدرسة هي كل شيء للتربية ، فمتى تستيقظ الأسرة من منهجها القديم في تلبية الأدوات المدرسيّة دون الجلوس مع الأبناء ، ورسم خطّة التعليم لهم ، ومعرفة دوافعهم واحتياجاتهم وما يعانوه في تعليمهم ، فأفضل طريقة لهم احتضانهم ونقاشهم ، ومشاركتهم في تنمية قدراتهم أثناء الجلسة العائلية ، بالحوار وإعطائهم مبدأ الحريّة في آرائهم ، والإنطلاق في المشاركة في أيّ قرار أُسري ؛ حتى يكون أثره إيجابيّا في سلوكه وثقافته ..
الإيمان بالحقيقة والواقع ومسلّماتها يعطيك بداية العلاج إن كانت مؤلمة .. فالواقع يتكلّم دون أن يكتب له القلم كلمات ومفردات ، فالأب يترك مصروف [الفُسحة ] عند الأمّ مساءً للأبناء ، والسوّاق يأخذهم صباحًا لمدارسهم ، أو لربّما أخذهم الأب وأوصلهم للمدرسة ، فأصبح يوفّر لهم الكم التعليميّ من [حقائب وملابس ومصروف ] دون أن يكلّف نفسه الجلوس مع أبنائه والحوار والحديث معهم حتى وهم في طريقهم للذهاب .. فلن يكلّفك جهدًا أيّها الأب لو استطعت أن تستغل فترة ذهابك بهم للمدرسة ، بلعبة يعشقها أبنائك ، فسوف تلمسُ أثرها في المستقبل في مشاريع بنائه التنموي ، كالتواصل الاجتماعي وَ المنافسة وَ بناء العقل للمعالجة والتفكير وَ تقوية الخيال وَ تنمية الثقة بالنفس .. بل تناسى الآباء بأن الإنطلاق الحقيقي للقطار التعليمي يبدأ به كمسؤول أوّلي عن ابنه ، ومن هنا نشأت العزلة بين المدرسة والأسرة ، وهو ما يعانيه المربّون كثيرًا من إهمال الوالدين لأبنائهم ..
يريد المجتمع استكمال المشروع القطاري بسگّة حديدية ثابتة القواعد ، هدفها بناء المستقبل بإضاءة الحضارة الثقافية وأساسها ثقافة المجتمع حفاظًا على تراثها المجيد .. فكلّما كان المشروع ثوابته راسخة كلّما كانت نتيجته تُغذي المجتمع وتنمّي تماسكه بوحدة الصّف في زمن كثّرت بداخله التحديات المعاصرة ..
< ومضة > ..
الحياة مليئة بالحجارة فلا تتعثّر بها ..
اجمعها وابن بها سلّمًا تصعد به إلى النجاح ..!!
فيصل السلمي
مقالات سابقة للكاتب