أشغلتنا أجهزتنا بكل ما هب ودب فصارت الحياة عشوائية فمواقع التواصل الاجتماعي غنية بالمفيد و الصديد و حتى الطفل الذي لم يبلغ الخامسة صار الجوال في يده يلعب و يتفرج على اليوتيوب للأغاني و الأناشيد..
وأنا من أبناء هذا الكوكب و كنت في يوم من الأيام أحد أطفال العالم و اليوم دخلت الثلاثين ربيعاً من عمري وأحمد الله على نعمه التي تترى و لا نشعر بها ..
كنت اُقَلِّب جوالي وأرسل لي أحد الزملاء في العمل صورتي وأنا أعمل في مستودع المنشأه التي أعمل بها وكنا في الجرد الخاص بنهاية السنة وكانت ملابسي متسخة ويدي كذلك والبسمة ولله الحمد تشق وجهي شقًّا فحولت الصورة لأمي الحبيبة وأرسَلْتُ معها فيسات الضحك؛؛؛ وانهالت بالدعوات لي بالتوفيق والحصول على وظيفة حكومية خير من وظيفتي وتأثرت بمجرد دخولي البيت و نَبَّهَت نبع الحنان إخواني أن لا تزعجوا مطر المسكين فقد كان يجتهد بعمله ولمحت في عينيها لمعة الحب والإكبار ولله الحمد والمنة على نعمة أمي ..
وخطرت لي فكرة وقلت في نفسي إذا كان هذا يعجبها لماذا لا اُكْثِر مما يعجبها فرحت أرسل لها صوري وأوثِّق أماكن تواجدي بالسيلفي وازدادت الوالدة تعلقاً بي وبما أفعل، و بما أن موضة انسخ و ارسل من أهم المهارات الدارجة هذه الأيام بدأت إذا طالعت في تويتر لبيت شعر جميل أو خواطر فقدان و وَجْد للحبيب أنسخها وأرسلها لأمي على الخاص مع ايموجي ورد وقلوب لأبين لها أنها مهمة عندي كما أنا مهم عندها ، ولأنها تحب أن تشعر بوجودي حتى بالجوال فطَمِعَت أم مطر ورَغِبت أن نناقش موضوع الغداء و العشاء بمقطع فيديو ومقاطع صوتية والله يستر لا تكون تبغى تداوم معي …
رسالتي لكل من بقي والديه على قيد الحياة و يستعملون التقنية .. لا تحرمهم من وجودك في حياتهم حتى بفيديو جميل تداعبهم به خصوصاً والدتك لأن أمهاتنا أكثر كائن حساس وشفاف على الأرض .. انسخ من تويتر لن يُكَلِّفَك الأمر شيء وأرسل لها بيت جميل فيه غزل عذري عفيف ، أرسل لها رسالة صوتية تخبرها بأنك تتمنى لو أنك في البيت فقط لأجل أن تغمز أقدامها و أكتافها ، ناقشها بخصوص الكنب و الكُشنة الخاصة بالكبسة ، حسسها أنك معها ولو كنت في الأرجنتين .. الفيديو يسد عينها ويسكن روحها التي تفتقد حضرتك يا سيد و يا آنسة ..
تخيل الأجر والثواب من الله إذا أدخلت السرور على قلب مسلم فما بالك أمك، راسلوا أمهاتكم بدل التسابق للتعليقات على المحتويات في اليوتيوب أو انستقرام لا تبخلوا عليهم بسيلفي.
مطر آل عاطف
مقالات سابقة للكاتب