أرسل الله لنا نبياً هادياً ومبشراً ونذيراً ، وميسراً للبشر من كل معسر ، وخاطبه ربه في سورة الشرح بقوله : { إن مع العسر يسرا } ، فلم يلزم الإنسان بأي ذنب إلا بعد التكليف وهو أمر من الله عز وجل ، فالإسلام يسر وسماحة ، فمن محاسن شريعتنا أنه قدر أمر المكلفين عند أي حكم من الأحكام الفقهية لا يقدرون على عملها ، فخفف عنهم الأحكام مراعاة لهم ، فالشريعة الإسلامية دين كامل مطمئن لكل من أراد الدخول فيه ، فلم يشرع للناس شيئاً لا يطيقون تحمله ولا الإتيان به ، بمعنى أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ، و قد ننتقل من الواجب أو المأمورين به إلى التيسير كأقل منه في العمل ومساو له في الأجر ، وهذا من لطف الله بعباده وتخفيفه عنهم ، وتيسير شرعه جل وعلا لهم .
فالأحرى بالتربويين والمعلمين أن يقتدوا بأمر الله في التيسير على أبنائهم الطلاب بما ينفعهم ، وذلك بالتعامل معهم بأفضل الطرق وتقديم النصائح الخارجة من القلب إلى القلب ، أو بالطرق التربوية الهادفة التي من شأنها أن ترفع من العملية التعليمية ، التي تضفي لنا ولمجتمعنا شيئاً من النمو والازدهار العلمي ، فالتيسير يساعد على العمل والنشاط دون انقطاع ، وينتج عنه التآلف و المحبة و التعاون بين المجتمع ، ويرفع الحرج عن الإنسان في حالة المشقة والقدرة على الإدراك الحسي والمعنوي بالتيسير ، فتقويم النظام التربوي الذي يقوم على التيسير في التعليم يؤدي إلى فكر تربوي هادف .
ولكن كثيراً من المربين يخلطون بين التيسير ومصلحة الطالب و يذهب التوازن وربط العلاقة بينهم ، حتى يكره اليوم الذي تم اعتماد المادة الدراسية عند هذا التربوي نتيجة التعسف القهري الذي يجده متناولاً في يده بعيداً عن المصلحة التربوية ، فالأسلوب الواضح والإيجاز في العبارة يتمثل في التيسير ، فكلماته نادرة الحروف ومعناه يمتد إلى أفق العالم ، لكل زمان ومكان ، تربوي وغير تربوي ، فهو مطلب حياتي لنا .
ويظهر لنا من التيسير مشروعية التخيير ، فالعملية التعليمية تقوم على مرسل وهو المعلم ، ومتلقي وهو المتعلم ، فلابد للمعلم أن يتخذ أسلوب التخيير في تعامله مع المتعلمين حتى يكون أجدى للقبول والعمل بحرية ، ولنا خير دليل في الإسلام ، وهو أن ربنا خير القصاص و الدية بين الجاني و المجني عليه ، أو خير المسافر بالصيام أو الإفطار ، فنحن المعلمون والمربون أولى من اتخاذ التخيير لأبنائنا وفلذات أكبادنا .
فيصل السلمي
مقالات سابقة للكاتب