لن تكون قصة تروى عن أحد المربين لهذه الحيوانات الأليفة ، وكيف تدفع الملايين ثمناً لها ، ولن تكون استعراضاً لأصناف المأكولات التي تحظى بها قطة ، أو كلب مدلل ، أو سريراً صحياً لقص شعر كلب أو تسريحة جديدة للست قطة ، لكنها قصة سطرت بأنات خافتة لا تكاد تسمعها آذان المترفين اللاهين ، اللاهثين خلف المتعة والترف ، يتزاحمون على أبواب الجمعيات الخيرية بحثاً عن قطعة خبز ، أو شربة ماء تبلل بها حلوقاً جفت ، وأجساداً عن المسير قد عجزت ، تنادى عليهم الأعداء كما يتنادى الأكلة على قصعتهم ، فعن الأوطان قد غربوا ، وفي بحار العالم قد غرقوا ، وعلى موائد اللئام قد وقفوا.
إخوان لنا في العقيدة ، جرت عليهم سنة الله وامتحنوا في بلادهم وأسرهم ، فهاموا على وجوههم بحثاً عن مأوى يقيهم زمهرير الشتاء ، و أزيز رصاص من آووهم بالأمس ، وانقلبوا عليهم أعداءً يكيدون لهم ويتقربون بقتلهم وتهجيرهم ، ولا يرقبون فيهم إلاًّ ولا ذمة ، وبين قتلِ وتجويع ، اضطر كثير منهم إلى أكل الكلاب والقطط تحت ضغط الفاقة والجوع.
إنها فضيحة القرن تجلى من خلالها الخلل الكبير في علاقة البشر فيما بينهم ، انكشف من خلالها زيف وبطلان ما يسمى بحقوق الإنسان والأمم المتحدة ، فهذه المنظمات تشدها خيوط خفية تجعل منها سيفاً مصلتاً على رقاب الضعفاء يمتطيهم الكبار بحق النقض (الفيتو) لكل ما يتعارض مع مصالحهم ، حتى لو كان الثمن أنفساً تزهق! ، فهي مفصلة بالمقاس حسب من يملك القوة والقوة فقط ، فأصبحت مناظر الأطفال الجياع في الشام شيئاً عادياً يأتي في مؤخرة الأخبار في إعلام منحاز تحكمه مباديء المصلحة والمصلحة فقط ، وأصبح الضحية هو من يعكر صفو النظام ، لأن المجرم هو الحكم والخصم في آن!!
لكننا مسلمون نحمل هم هؤلاء (المؤمن للمؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) أين نحن من هذا؟
هل بادرنا بالتبرع لهؤلاء؟
هل قض مضاجعنا مناظر الهياكل العظمية التي أنهكها الجوع؟
هل رفعت الأيدي إلى العلي الجبار أن يرفع عنهم ويسد جوعهم ويخفف عنهم؟
إن عجزنا عن الدعاء (على أقل تقدير) فنحن عن غيره أعجز!!
محمد سعيد الصحفي – الكلية التقنية بجدة
مقالات سابقة للكاتب