لقد كان لجهاز المخابرات الإسلامية دور كبير في تحقيق انتصارات مهمة , أو التقليل من الصدام المسلح مع المشركين في بداية ظهور الدعوة الجهرية , بل وإقامة علاقات طيبة مع عدة قبائل في الجزيرة العربية كانت بمثابة ترسيخ الوجود والتأكيد على الاعتراف المتبادل بين الطرفين , ثم الخروج للدعوة ونشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة , ومن أعرض وكابر وعانَد فعليه دفع الجزية أو القتال كحلّ أخير.
وقد اكتسبت المخابرات والدبلوماسية الإسلامية أهمية بارزة , ولذلك لا تُسند إلا لمن توفرت فيه صفات الصدق والإخلاص والأمانة , لأنهم على ثغر مهم من ثغور الإسلام , ولعّل ذلك يدخل تحت مفهوم الإعداد والاستعداد الوارد في قوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل…) (سورة الأنفال :60).
وقد اتخذت الدبلوماسية الإسلامية عدة أساليب , واستفادت من مختلف العناصر في سبيل الدفاع عن الإسلام ونشر الخير في أرجاء المعمورة , فذلك النظام أتاح للمرأة المسلمة المساهمة بدورٍ فاعلٍ في نشر الإسلام , وردع أعدائه ، وبذل ما بوسعها من رعاية واهتمام ومنافحة عن المجاهدين , وتمثل دورها في : الرعاية الطبية , وجلب الماء ، والدعم والتأييد المعنوي , والدعم اللوجستي , وأحياناً الدعم البدني , وبذل الجهد الحركي في سبيل إيجاد نوع من التوازن أو المؤازرة والتعاون وترجيح كفة المسلمين والشواهد عديدة على ذلك كالصحابية الجليلة أمّ عمارة ، والصحابية الجليلة صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنهما.
وقد ورد في كتاب ( المخابرات في الدولة الإسلامية ) ، ما نصه : ” أجل … لقد احترم الإسلام المرأة , واستفاد من طاقاتها بطريقة شريفة من أجل الحفاظ على كيان الدولة الإسلامية ، فساهمت في تتبع المناوئين للدولة الإسلامية ، وساعدت في الكشف عن بعض الجرائم الخطيرة , ولم تستغل جسدها , أو تتخلى عن دينها من أجل تحقيق هدفها , بل كانت مسلمة طاهرة عفيفة ، عكس الحال عند الأمم في القديم والحديث ” ص192.
والملفت في الأمر أن المرأة المسلمة شاركت في ذلك الشرف العظيم , واستطاعت بكل شموخها وعفافها وكبريائها , أن تسهم في ذلك المضمار دون الخضوع أو الخنوع أو تقديم تنازلات مقيتة ورخيصة , أو النيل من شرفها الطاهر , أو عرضها المصون من أجل تحقيق مآربها.
وفي وقتنا الحاضر نجد بعض الديانات أو الملل والنحل التي تسعى لتجنيد المرأة في هذا الجهاز , وأول التنازلات تبدأ بالجسم , في سبيل تحقيق المآرب والأغراض الدنيوية الدنيئة , بل لقد ذكر أحدهم ناصحاً نساء بني جلدته ” ولا تبخّلن بأجسادكن وأموالكن… ” ، في إشارة واضحة إلى جعل جسد المرأة سلعة رخيصة للوصول إلى الأهداف , ونيل الغايات .
وشتان بين هذا الرأي والمطلب , ومواقف المرأة المسلمة العفيفة الطاهرة التي ظهر عليها أثر التربية وضياؤها , وساهمت في رسم صورة مشرفة للمجتمع المسلم الطاهر العفيف .
وبالله التوفيق .
د. عايش بن عطية البشري – جامعة أم القرى
[email protected]
مقالات سابقة للكاتب