إلى زمن مضى نعود ، حيث الرجل في بيته هو الآمر الناهي ، فيتخذ كل القرارات التي تهم الأسرة الصغيرة حاضراً ومستقبلاً، أكلاً وشرباَ وسكناً وتعليماً ، بل حتى في العلاقات التي يتبناها أفراد أسرته. ومن أهم هذه القرارات هو قرار الزواج وبالتحديد زواج البنات ، فهو يقرر القبول أو الرفض دون أدنى مشورة لصاحبة الشأن على الإطلاق ، وأما زواج الولد فيقرره ما كان من عادات راسخة (عدد المدعوين ومدى الدعوة ووقت الحفل وعدد الذبائح…الخ) لا يستطيع الأب تجاوزها بحال من الأحوال!
أما الآن فلك أن تعكس الصورة أعلاه رأساً على عقب! (مع وجود الاستثناءات) ، فالذي يبدأ قصة الزواج من الأساس هم النساء(الزوجة والبنات) – وما يترتب عليها من تجاوزات لا تخفى على الجميع – فيختارون عروس المستقبل ويأتي الرجل ليوافق على أمر قد قضي!
وهذه حدية متناهية في التفكير وهي المراوحة بين طرفي النقيض (مهمِّش ،ومهمَّش) ، فتركنا للرجال في الصورة الأولى كل شيء دون مشاركة من أهل الشأن! ثم تركنا الشأن كله للنساء في الزمن الحالي (ولا يهون المستقبل)! وهذه الصورة تكاد تكون شاملة وعامة لكل مجتمعنا السعودي والخليجي!
سيبقى الوضع رهيناً لهاتين الصورتين ما لم يبادر أهل الصلاح والتقوى من الطرفين لمعالجة ما قد أصبح في نظر البعض أمراً طبيعياً وهو خلاف ذلك!
ما الحل؟!
إليكم نموذجاً أحب دائماً أضرب به المثل لروعته ، في زمن مضى لا يشغل بال النساء سوى الاشتغال بالزيارات والتردد على بيوت الجيران وما يصاحب ذلك من الغيبة والنميمة التي تعج بها تلك المجالس!
ثم قيض الله إحدى الفاضلات من بنات ذلك الحي وبدأت رحلة التغيير مع ما فيها من العمل المضني كي تعلم نساء الحي القراءة ومن ثم القرآن الكريم ، ونجحت -بإذن الله- في تحويل كثير من النساء من حالة الجهل بالقراءة والقرآن إلى متعلمات يرددن آيات الله بالليل والنهار وما انعكس من جراء ذلك على سلوك وتفكير الكثيرات منهن.
ليبدأ التغيير كل الفضلاء والفاضلات الذين من الله عليهم(وهم كثر) في الأحياء لنشر فكرة الزواج الجماعي البعيد عن التكلف وشرح فوائده للعروسين ليبدأ قطار رحلة العمر دون ديون وأعباء مالية قد تكون سبباً في تصدع بناء الأسرة.
سيجدون صعوبات جمة، وعراقيل شتى ، كي تؤكد أن ليس في الإمكان أحسن مما كان ، لكنها أمور طبيعية يجدها كل من يتصدى للإصلاح على مر التاريخ ولو سلم منها أحد لسلم منه الأنبياء عليهم السلام ، فالتغيير ابتداءً يكون بنشر الفكرة ، والصبر عليها حتى تنمو وتترعرع في بيئة داعمة من الجميع.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
إيماءة:
مقاومة التغيير طبع جبل عليه بنو البشر ابتداءً ، والخوف من المستقبل هاجس يؤرق مضاجع الكسالى، وأصحاب مبدأ الله لا يغير علينا!
مقالات سابقة للكاتب