الكون يدل على الوحدانية

يقول الله سبحانه وتعالى ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت الآية(53) .

ويقول جل من قائل (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) آل عمران(191).

وبعد ذلك فقد وقفت أتأمل لخبر اوردته قناة CNBC العربية ( الكشف عن صورة لثقبأسود عملاق يسميه العلماء “العملاق الجميل” في وسط مجرة دربالتبانة – تزيد كتلة الثقب الأسود عن كتلة الشمس ب 4 ملايين مثل ويقع على بعد 26 ألف سنة ضوئية من الأرض – وتعادل السنة الضوئية الواحدة حوالي 9.5 تريليون كم
أي 9 ترليون 500 مليار كم
9.5×26,000=247,000 ترليون كم، لقد تجاهلنا الاصفار لتقريب العدد للأذهان، مئتان وسبعة واربعون الف ترليون كم.

نعم وقفت متحيراً لهذا الخلق العظيم الهائل وتيقنت أن الخالق أعظم وأن هذا الكلام إنما يدل على الوحدانية بدون شك ولا ريب فوقفت الآية التالية أمامي بكل وضوح يقول الله سبحانه وتعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) ثم قفز الى ذهني كلام الإمام محمد بن جرير الطبري في تفسير هذه الآية وأنا انقل لكم كلامه بالتفصيل يقول الطبري في تفسيره (إن ذلك لو كان كما قاله المشركون بالله لم يخل كل واحد من الإثنين اللذين أثبتوهما قديمين من أن يكونا قويين أو عاجزين، فإن كانا عاجزين فالعاجز مقهور وغير كائن إلهاً وإن كانا قويين فإن كل واحد منهما بعجزه عن صاحبه عاجز، والعاجز لا يكون إلهاً وإن كان كل واحد منهما قوياً على صاحبه عاجز، والعاجز لا يكون إلهاً وإن كان كل واحد منهما قوياً على صاحبه، فهو بقوة صاحبه عليه عاجز، تعالى ذكره عما يشرك المشركون!) أنتهى كلامه رحمه الله، نعم إن هذا الكون وبكل ما فيه من إعجاز ينطق بكلمة واحدة هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له هو واحد في ذاته واحد في صفاته قيوم ازلي لا يحتاج إلى ولد ولا شريك لأنه القيوم والله جل جلاله يبين لأهل العلم بكل ادواتهم التي علمهم وفتق عقولهم ليخترعوها ليعلموا الناس وليقيم عليهم الحجة فلا يأتي احد ويقول لم أعلم وما علمت فالكون كله أمامهم كتاب مفتوح مسطر فيه كل ما يدل على الله وعلى وحدانيته فليس هناك بعد ذلك قول قائل ان الله ثالث ثلاثة أو ان له ولد تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا الله يتجلى لهم في مختبرات العلم يتجلى لهم في المجهر الميكروسكوب وفي اضخم التليسكوبات فنحن هنا لا نتكلم عن الإلحاد ولا نخاطب الملحدين لسقوط فكرهم واضمحلال رايهم وإديلوجيتهم إنما نحن هنا نتكلم عن الوحدانية ونخاطب من قال بتعدد الآلهة وأن هذا الكون الهائل الذي لم يكتشف المشتغلون بالعلم الا جزءً يسيراً منه ولن يدركوه كله ابدا لأنه كل يوم هو في اتساع وهو كما يقول العلم الكون يتمدد 105 كيلومترات في الثانية فأنى لهم ان يدركوه وكما قال الله تعالى:- (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (48) وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (49) كل شيء في هذا الكون ما يرى وما لا يرى يدل على الوحدانية المطلقة والذين اشركوا مع الله إله اي إله سواء بشر او حجر او كوكب او هوى فكم قد ظلموا انفسهم وتجنوا على الحقيقة وجانبوا الصواب والحق رأوا الوحدة تتجلى أمام اعينهم فأغمضوها وأتبعوا هوى النفس رأوا الواحدانية في أوضح صورها وبرغم ذلك اتبعوا الشيطان وخطواته المهلكة والله سبحانه وتعالى عندما قال (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) لأن العلم الصحيح الذي يقوم على البراهين لا يتعارض مع الإيمان بل يدعمه ويعمقه فالذين يظنون ويقولون إن معظم علماء الغرب ملحدون قد اخطأوا فهناك كثيرون منهم قد اسلموا واخبروا الناس انهم رأوا ايات الله في مختبراتهم وفي مشاهداتهم العلمية وتجاربهم العملية، إن فكرة الإلحاد لا يدعمها اي دليل أو برهان ولا تستطيع ان تأتي بدليل واحد على اعتقادها ما اعتقدت فهي والنظرية الداروينية توأمان بل إن الداروينية هي وليدة الإلحاد وإبنتها المشوهة فكما سقطت نظرية داروين كذلك سقطت الإديلوجية الإلحادية ولا يتبناها سوى العاطلون الفاشلون الذين لم يستطيعوا أن يثبتوا أي شيء ولم يكونوا أمناء على العلم ولم يفتحوا بصيرتهم للعلم وكلما تقدم العلم وزاد اكتشاف الإنسان ما حوله وما في الكون من اعجاز علمي كلما اثبتت الفكرة الإلحادية عجزها وفشلها في إقناع مؤيديها ومريديها واتباعها وبأن حجتهم داحضة وكما قال أحد الذين فندوا فكرة دارون والداروينية وصفها قائلاً (إن فيها – نظرية دارون – من الثقوب ما يجعل شاحنات تمر من خلالها) نعم هذه هي الحقيقة أما المتعلقون بها فهم الذين لم يستطيعوا أن يلحقوا بركب العلم المنطلق بسرعة الضوء نحو الاكتشافات والإختراعات وهم قابعون يجترون الحقد على الذين سبقوهم بأشواط في مجال العلم المتقدم بخطى ثابته لخير البشرية وهنائها ورغد عيشها أما هذه الموجة الإلحادية الضعيفة فسرعان ما تتكسر وتضمحل وتتقهقر منهزمة تجر اذيال الفشل أمام صخرة الإيمان واليقين والعلم المبني على الحقائق والبراهين الواضحة الدامغة للجهل التي كل يوم تظهر بإكتشافات جليلة، ففكرة الإلحاد فليست عن إقتناع إنما هي تقليد اعمى واتباع هوى النفس لنيل المزيد من الشهوات الباطلة وقد اخبرنا الله تعالى عن ذلك في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد يقول الله تعالى في شأن هؤلاء ({بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ) (6) فلحب النفس للشهوات والإيغال والإنغماس فيها فهي تخشى من وخزات الضمير التي تؤرقها وتقض مضجعها فتأخذ هذه النفس منحى يخالف ضميرها بإنكار القيامة وإنكار كل ما هو حقيقة ماثلة أمام عيني كل ذي بصر وبصيرة….

نعم نقول ونكرر ان هذا الكون يدل ويدعو للوحدانية المطلقة وسوف يرضخ هذا العالم بكل ما فيه من تقدم لهذه الوحدانية لا مناص من ذلك ولا مهرب وسوف يأتي هذا العالم المادي صاغرا معترفا بوحدانية الله لأن كتاب الكون مفتوح ينبئ كل ذي عقل سليم أن الله واحد قهار قيوم وهو الاحد الصمد الباقي الذي ليس كمثله شيء…

نعم سوف تغزوا وحدانية الله هذه الدنيا من اقصاها الى اقصاها.

إبراهيم يحيى أبو ليلى

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “الكون يدل على الوحدانية

علي الصحفي

بارك الله فيما كتبت وجعله في ميزان حسناتك ونفع بك
وزادك بصيرة وعلما
وهدى شبابنا و فتياتنا إلى ما يصلحهم ولا يؤثر فيهم ذلك الغزو الفكري الذي يبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام ليضلهم عن الحق ويسوقهم إلى الباطل.
وصدق الله العظيم إذ يقول : بسم الله الرحمن الرحيم
﴿قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ۝اللَّهُ الصَّمَدُ۝لَم يَلِد وَلَم يولَد۝وَلَم يَكُن لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١-٤]

والقائل سبحانه :

﴿أَفَمَن هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفسٍ بِما كَسَبَت وَجَعَلوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُل سَمّوهُم أَم تُنَبِّئونَهُ بِما لا يَعلَمُ فِي الأَرضِ أَم بِظاهِرٍ مِنَ القَولِ بَل زُيِّنَ لِلَّذينَ كَفَروا مَكرُهُم وَصُدّوا عَنِ السَّبيلِ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾ [الرعد: ٣٣]

نسأل الله أن يوفقنا جميعا ويهدينا سواء السبيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *