أمل الأمة

لا شك ومن المعلوم بديهياً أننا في زمن التكتلات بكل أنواعها بشرياً ، مادياً ، سياسياً ، عسكرياً .. ويحضرني هنا القصة المروية في التاريخ والتي ربما أصبحت قاعدة للوحدة والاتحاد …

قصة الرجل الذي أحضر أبناءه و أعطى كل واحد منهم عوداً و طلب منه أن يكسره ، فكسر كلاً منهم عوده الذي أعطي له ، ثم جمع الرجل الحكيم الأعواد وأعطاها لأبنائه كل على حِدَةٍ ، فصعب عليهم كسرها مجتمعة ، فدلل الرجل الحكيم على أن في الاتحاد قوة و في الفرقة ضعف ، فأصبحت هذه الحادثة مثلاً لقوة الوحدة و الجماعة …

و لو توغلنا كذلك في التاريخ و قلبنا صفحاته و استحضرنا معارك المسلمين كاليرموك ، و القادسية ، و حطين ، و عين جالوت ، لرأينا مثلًا في معركة القادسية حين جمع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه القبائل وحشرهم إلى القادسية تحت راية واحدة وهي ” لا إله إلا الله محمداً رسول الله” ، بعدما كانوا شراذم أشتاتاً فوحدهم الإسلام ، فلم يقف في وجههم شيء حتى قال ملك الصين لقيصر الروم عندما استنجد به قيصر للوقوف معه ضد الجيش الإسلامي ، فقال مقولته المأثورة : ( لا قبل لي بقوم لو أرادوا خلع الجبال لخلعوها ) ، نعم إنه التكاتف و الوحدة فالبركة كل البركة في الجماعة … و التفكك و التشرذم لا يأتي بخير أبداً ….

وقبل ذلك كله يجب على الأمة أن تتسلح أول ما تتسلح بالإيمان أولاً ثم بالعلم ، ونهيب بالشباب في هذه المرحلة أن يترك الكسل و الدعة و الخمول و الأنا و حب الذات ، و لينظر بعين البصيرة الثاقبة قبل البصر ما تمر به الأمة في هذا المنعطف الخطير حاضرها و مستقبلها من تحديات ، و ليعلم أن الأمة تضع على عاتقه بعد عون الله كل مصيرها ، فيجب أن يكون الشباب على قدر المسؤولية التي أنيطت به …

وليعلم أن الأعداء لا يتوانون عن دق أسفين الخلاف و الاختلاف فيما بينهم بما يعلم من آفات و أفكار لا تصب أبداً في مصلحته ، فلا يكن عوناً لهم عليه و على أمته و وطنه و مستقبله ….

فالله الله معشر الشباب بكم ترتقي الأمة سلم المجد فليكن هذا همكم ، والتاريخ لا يرحم الخامل الكسول ، إنما يقف التاريخ موقف الاحترام والتقدير لكل مثابر مجتهد ، و قديماً قيل لكل مجتهد نصيب ( إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا )  …

فيا أيها الشاب تلفت حولك و تأمل غيرك ممن هم قريبون جداً منك ، و قارن بين ما تنعم به أنت وما يقاسي غيرك من الأهوال و العسر و أنت تنعم و تتلذذ بكل أنواع النعم ، فليست الحياة مجرد ركوب سيارات فارهة و التسكع بها في الطرقات و إيذاء الناس …

فليكن همك أكبر من ذلك و اترك عنك سفاسف الأمور وتطلع إلى معاليها ، و إياك ثم إياك أن ترعى مع الهمل فإن الحياة لقصيرة ، و انظر أين تضع نفسك في زحمة المنافسة و التنافس على التقدم والرقي …

حفظ الله الأمة وجمع عليها أمرها ، و وفق كل من يسعى لرأب الصدع و اجتماع الكلمة على الحق والخير …

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 

إبراهيم يحيى أبو ليلى 

مقالات سابقة للكاتب

2 تعليق على “أمل الأمة

أبو سعود

مقال رائع شكرا للكاتب على الطرح الراقي نوافق على كل كلمة بارك الله فيك

حفظ الله امتنا وجمعها على الحق

عطيه الصحفي ابوباسم

مقال رائع ولقد وفق الكاتب في الطرح والاستاذ ابرهيم دائما متميزا في طرحه فله منا كل الشكر والتقدير.
فعلا امة تفقد وحدة الصف وجمع الكلمة لن تسودالامم ولن تحقق رسالة مالم يتوفر فيها هذين الشرطين.جمع الكلمة ووحدة الصف.اللهم اجمع كلمتنا على الحق ووحد صفنا والف بين قلوبنا…امين..
اكرر شكر لك ابوليلى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *