(هل تشاركني الرأي؟)
في رأيي أن عدم ثبات بعض العادات الموروثة الجميلة ، والتي هي ذات عراقة وأصالة في مجتمعنا هو بسبب عدم إعطاء المبادئ قيمة تحميها فهي جزء منها ، والمبادئ جزء من الهوية التي تتميز بها المجتمعات والأمم ، وفي التاريخ شواهد كثيرة …فنجد من يتميزون بتكريم الضيف وإن طال مقامه ، ومن يأوون الغريب دون سؤاله عن هويته ، ومن هم أصحاب مروءات متعددة ، ومن قول صغيرهم قبل كبيرهم الصدق ، مشهورون به .
ولقد كان في ديارنا ( يوم أن كانت اللحى صفة الرجال الثابتة) إذا قبض الرجل على لحيته وأعطى وعدا ، فلا يمكن أن يخلفه، والناس تثق وتصدق ، فتلك القبضة على اللحية أقوى عندهم من رهن مال وكتب سند .
وكثيرة تلك العادات والأعراف التي هي من جميل الصفات ، فهي معاني كريمة ، وقيم سامية ، تميزت بها كذلك أسر وقبائل ، قال الشيخ الدكتور صالح بن حميد في خطبة له في هذا المجال :(إن الأعراف الصالحة ، والعادات المستقيمة تعزز الشعوب ، وتقويها ، وتشد منها ).
وفرارا من إطالة في زمن التقصير ! دعوني أضع خطا أو خطين تحت حفلات الزواج في مجتمعنا ، فليست هي الآن على هويتها الحسنة الموروثة ولم تتجدد إلى أفضل بما يتناسب مع الجديد والأجمل ، فإلام هذا التحول ؟
⁃ يصر بعضهم على إزعاج ضيوفه الذين دعاهم ولبوا دعوته ، دفعهم الواجب الشرعي لإجابة الدعوة ، وحثتهم عادات طيبة لازالت حية عندهم ، شعارها تأدية الواجب ، وإجراؤها مشاركة القريب والصديق أفراحه ، ثم يجدون أنفسهم في ضجيج شيلات بأصوات مكبرات صاخبة يكاد يتساقط بعض السقف من شدة ترددات الصوت !
وربما وضع بعض الضيوف أصابعهم في آذانهم انزعاجا ، الأمر الذي لم نعهده ولم نسمع به فيما مضى من عاداتنا ولا تقره شريعتنا ولا يتناسب مع إكرام الضيوف ، وكم غادر حفلة تلبست بهذا من لم يستطع الصبر ، في صورة هي بحق مؤلمة ! يأتون مجيبين الدعوة متهيئين ومتكلفين وباذلين من أموالهم وأوقاتهم وبعضهم يقطعون مسافات فيجدون أنفسهم مضطرين للمغادرة !
ولسان الحالة واللحظة يقول (زي بعضه تبقون أو تغادرون) . فأي مبدأ هذا ؟ أو أي عادة هي ستكون وسيسجلها الزمان وتذكرها الأجيال للأجيال ؟!
⁃ أعجبني آل بيتٍ فضلاء اتفقوا مع عاقلهم إذ قال لهم إن كان ولابد من هذه الشيلات وهذه الطبول والأصوات ولم يمنعكم منها مانع ، لاشرعي ولاعرفي فإن عليكم تخصيص مكان لها بعيد عن ضيوفكم ،حفظا لقدرهم واحتراما لهم ، فليس مكان جلوس الرجال وتقديم الضيافة للمدعوين مسرحا للطرب وضجيج مكبرات الصوت ، ولايبرر ذلك لكم أية مبرر .. ففعلوا.
فما أجملنا ولنا مبادئ تحميها قيمنا ولنا قيم نتميز بها ونُذكر.
مقالات سابقة للكاتب