في صالة الانتظار المكان مكتظ بالمراجعين والشحن النفسي بلغ ذروته لا مكان شاغر للجلوس … يدخل رجل مسن يتهادى في مشيته ، يلقي التحية بصوت خافت ، ويتلفت يبحث عن مكان فينهض ذلك الشاب (تفضل يا عم ) موقف أخلاقي جميل كاد يندثر وسط موجة طاغية من غياب للأدب الرفيع والخلق السامي .
تراه شاباً يمتلئ صحة ويكتنز عافية يعيش الحياة بكل تفاصيلها يتعامل مع التقنية بكل احترافية ويقود سيارته بمهارة عالية قلَّ أن تشاهدها حتى في الأفلام . يرتدي أجمل الملابس ويهتم بأدق تفاصيلها حجماً لا ثمنا . فتراه أنيقاً جميلاً فتردد في نفسك (ما شاء الله لا قوة إلا بالله)
وعند أول موقف اجتماعي تصدم بسوء التصرف قولا وفعلا فتتهاوى تلك الصورة الرائعة نتيجة لقلة الخبرة وضعف التجربة .
إنها مهارات الحياة سمو في الأخلاق ورقي في التعامل وجمال في العبارة ولباقة في الرد وتوقير للكبير ومراعاة للمشاعر ، فلا يحرج أحداً بإشارة ناهيك عن كلمة.
في تصوري أن عزوف الأبناء عن حضور المناسبات الاجتماعية يفقدهم تلك المهارات والتي يكتسبها من خلال الحضور الايجابي لتلك المناسبات فيكتسب منها من المهارات ما يقوي ثقته بنفسه وينمي شخصيته ويعظم تقديره لذاته .
فإذا امتلك الابن تلك المهارات انطلق في دروب الحياة وهو يمتلئ ثقة بنفسه تحيط به نظرات التقدير والثناء محققا أفضل الانجازات .
ابحث عن كل الناجحين في حياتهم تجدهم واثقون من أنفسهم يجيدون الحديث أمام الناس بكل طلاقة وإتقان ــ إذا ملكت زمام الحديث ملكت زمام الأمور ـــ
ختاماً .. إن مهارات الحياة لا تدرس في المدارس والجامعات بل تكتسب من جامعة الحياة فلنزج بالأبناء في معترك الحياة حضورا ومشاركة ليبنوا لأنفسهم مكانة ومجداً وسؤدداً.
عبدالرحمن مصلح المزروعي
مقــالات سابقة للكاتب :
مقالات سابقة للكاتب