في كل عام يمر تتجدد الحياة، تتجدد عند من يراجع أوراقه، فأوراق الحياة كثيرة، صفحات تطوى وصفحات تفتح، حياة وممات، وبين الرائح والغادي أحداث وأحداث.
ياترى:
كم لنا من نصيب في هذه الحياة، وكم لنا من مواقف نسعد بها بعد الممات؟
عام غدا وتصرمت أيامه..
أتراه كان للعباد شهيد..
الحصيف يا كرام من لم يغفل اللحظات والثواني؛ بل يربط كل حياته بالله؛ لتكون أعماله شاهدة له لا عليه.
من فضل الله على عباده المؤمنين تلك اليقظة التي يراجعون فيها حيات عام مضى ويستعدون لأيام وأشهر عام أتى.
ومن فضله على عباده أن نتفاءل في كل عام بمواسم الطاعات؛ فهي السعادة وفي جوانبها وأكنافها الرحمة.
موسم تلو الآخر، يعطينا الله فيه من عظيم رحمته : صيام وصدقة وحج وعبادات مختلفة، في كل عام ننهل من بركات رحمته أعظم الفرص.
أيها الفضلاء:
كم نحن بحاجة أن نتفكر ونتأمل في انقضاء الأيام، وتسارع السنوات!!
وكم نحن بحاجة لفأل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
نخطئ ونصيب وتبقى رحمة الله لنا وعفوه أعظم ما نرجوه من نصيب.
لنحذر يا كرام من غضب الله مع إطلالة هذا العام الجديد؛ بل لابد أن نحمده أن أمد في أعمارنا؛ لنزداد عبادة له وتقوى.
وليكن لنا في هذا العام الجديد ما يرفع من منازلنا في الدنيا والآخرة.
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:
( إنْ قامَتِ السَّاعةُ وفي يدِ أحدِكُم فَسيلةٌ فإنِ استَطاعَ أن لا تَقومَ حتَّى يغرِسَها فلْيغرِسْها )
( شَجَّعَتِ الشَّريعَةُ الإسْلاميَّةُ على إعْمارِ الأرضِ وزِراعَتِها، كما رغَّبَتِ المُسلِمَ ليكونَ إيجابِيًّا في كُلِّ أحْوالِه، وأنْ يكونَ نافِعًا لنَفْسِهِ ولغَيْرِه، وقد حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على كُلَّ فِعلٍ من أفعالِ البِرِّ والإحْسانِ والصَّدَقَةِ والنَّفْعِ للغير حتَّى ولو لم يَرَ الفاعلُ ثَمرتَه، كما قال في هذا الحَديثِ: “إنْ قامَتِ السَّاعَةُ “، أي: إذا ظَنَّ أحَدُكُم ظَنًّا أكيدًا أنَّ القِيامَةَ بأشْراطِها ومُواصَفاتِها قد قامَتْ “وفي يَدِ أحَدِكُم فَسِيلَةٌ”، أي: نَبْتَةٌ صَغيرةٌ مِنَ النَّخْلِ، “فإنِ اسْتَطاعَ أنْ لا تَقومَ حتى يَغْرِسَها فلْيَغْرِسْها”، أي: يَزْرَعُها في التُّرْبَةِ، ولا يَتْرُكُ عَمَلَ الخَيْرِ والنَّفْعِ، وهذه مُبالَغَةٌ وحَثٌّ على فِعلِ الخَيْرِ حتى في أحْلَكِ الظُّروفِ، ولو ظَنَّ صاحِبُه انْعِدامَ الانْتِفاعِ به، ومِن أنْواعِ الخَيْرِ غَرْسُ الأَشْجارِ وحَفْرُ الآبارِ لتَبْقَى الدُّنْيا عامِرَةً إلى آخِرِ أَمَدِها، فكما غَرَسَ غَيْرُك ما شَبِعْتَ به؛ فاغْرِسْ لِمَنْ يَجِيءُ بعدَك، وقد ذَكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أحاديثَ أُخْرى فَضْلَ الغَرْسِ والزَّرْعِ، لِمَا فيه من إِطْعامِ الناسِ والطَّيْرِ والدَّوابِّ، ولِمَا فيه من تَوْفيرِ الأقْواتِ، وكما يَدُلُّ هذا الحَديثُ على أنَّ عَمَلَ الإنْسانِ الخَيْرَ بيَدِهِ أَمْرٌ مَحْمودٌ.
وفي الحَديثِ: الحضُّ على استمراريَّةِ العملِ في الخَيرِ إلى آخِرِ لَحظةٍ في العُمُرِ .)
ياترا:
الذين يحتفلون بالعام الجديد، هل أدوا حق الله كما يجب؟
هل كانت لهم مشاريع من النفع المتعدي في المشاركات المجتمعية، والوطنية؟
هل لديهم مشروع العمر الذي يشغل هاجسهم، ويبنون به قمم المجد؟
أ.فاطمة بنت إبراهيم السلمان
مقالات سابقة للكاتب