بين ميلادين

مع إطلالة هذا العام الهجري الجديد والذي شهد ميلاد موقعي «شبكة رحاب مكة» فتوافق فيه الميلاد الحقيقي مع الميلاد المعرفي ، والذي يكون في الغالب نتاجًا للباحثِ والكاتب فيفرح به كما يفرح بالمولود الذي يبشر بحياة جديدة ؛ فكذلك هي المعرفة في ميلادها.

ومن أجمل أنواع الميلاد للإنسان «الميلاد المعرفي» والذي يمكن أن يندرج تحته ما يلي:

أولًا: ميلاد العلم: والذي بدأ بنزول أول آية في كتاب الله تعالى بمكة على نبيّنا عليه الصّلاة والسّلام لتقول له تلك اللحظة «اقرأ» فكان ذلك إيذانًا بميلاد العلم والعمل:

يا لحظة شهدت عيناي في يدها
ميلاد فجرٍ وليلًا كان في الرّمق

ثانيًا: ميلاد أمة: وهي آخر الأمم وخير القرون وقد بدأت بانبثاق فجر ميلاده ﷺ لتكون أمة الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة لهداية الناس وإرشادهم من الظلمات إلى النور:

بمولدك الميمون ميلاد أمةٍ
تراك لها دربًا وركبًا وهاديًا

********

عليك صلاة الله ما قام عابدٌ
ومدّ إلى الرحمن كفيه داعيا

ثالثًا: ميلاد الروح: فحين يكون الإنسان متخبطًا في حياته بعيدًا عن الإسلام وتعاليمه، ويدخل الإيمان في قلبه تجده حينها يولد حقيقة كميلاد المسلم الجديد ، وكذلك عند خروجه من المعتقدات الفاسدة والعادات القبلية الخاطئة يولد ويعيش ميلادًا جديدًا:

اليوم ميلادي الجديد وما مضى
موت بليت به بليل داجِ

********

أنا قد سريت إلى الهداية عارجًا
يا حسن ذا الاسراء والمعراجِ

فيجب على الإنسان أن يحرص على اقتناص واستثمار مراحل الميلاد المعرفي في حياته أكثر من حرصه على مناسبات ميلاده الحقيقي؛ عندها يدرك أن هذا الميلاد كلما زاد نقص من عمره بينما الميلاد المعرفيّ كلما زاد عظم من شأنه وكثر إرثه يومًا بعد يوم وترك بصمة تاريخية في حياته:

سخرْ حروفك للتّاريخ شاهدةً
على زمانك كالتّدوين في الكتب

وعند بزوغ فجر كل يوم جديد يكون ميلادًا جديدًا للإنسان المتفائل في هذه الحياة على حد قول العقاد في قصيدته:

ففي كل يومٍ يولد المرء ذو الحجى
وفي كل يومٍ ذو الجهالةِ يلحدُ

رابعًا: ميلاد الأماني: حين يتمنى الإنسان أمنية محددة ويسعى إلى تحقيقها بكل ما أُوتي من قوة مع الأخذ بالأسباب الجالبة لها.
ويدعو الله تعالى في الأسحار بصدق وإخلاص، فما أن ينقشع ظلام الليل إلا وتولد هذه الأمنية مع انبثاق الفجر ويسعد بها صاحبها:

وَقُلْ للأُمنياتِ على انْتظارٍ
صلاةُ الفجرِ ميلادُ الأماني

خامسًا: ميلاد الأفكار: وهي بطبيعتها عسيرة الولادة ولاسيما التي تعقب تفكيرًا كثيرًا أو عصفًا ذهنيًا أو حادثًا مؤلمًا أو رغبةً جامحةً في الكتابة والتنفيس:

أفكارنا حيــن تأتينا مرتبةً
إنجازها في حياتي ذاك ميلادُ

سادسًا: ميلاد الكلمات: وهو الميلاد الذي ينساب نثرًا وشعرًا ويولد عند الإمساك بالقلم فتسيل به الأحرف في قالب مقالة مفيدة أو تغريدة هادفة أو خاطرة مؤثرة أو قصيدة شعرية صادقة:

وإن أشعر بيت أنت قائله
بيت يقال إذا أنشدته صدقا

سابعًا: ميلاد الذكريات: وهي الذكرى الجميلة لتلك الليالي والأيام التي يعيشها الإنسان وهو في سعادة ورخاء فيتذكر ماضيه ما بين الطفولة والصِّبا والمراحل الدراسية مرورًا بزواجه وفرحته الغامرة بأبنائه وأحفاده إلى أن يقف عند مخرجاته العلميّة والثّقافية:

وللذكرى حديث ذو شجون
يذكرني بميلادي وفكري

خالد بن محمد الأنصاري

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “بين ميلادين

ماريا نضال

دمت لرسائل التفاؤل مدوّنا ولأقلام المعرفة حاملا
ولأمانات العلماء حافظا . جعلك الله وذريتك مشعال خير وراية أمل .

هاجر

اثلج الله قلبك بماء اليقين وسهل الله لك طرق العلم والتعلم وزادك من فضله وجعل كل ما تقدمه في موازين حسناتك يعطيك العافيه يارب

ابومبارك

ماشاء الله تبارك الله جزاك الله خيرا ونفع بك من أروع ما قراءة بورك فيك وفي ما تحب

أم صالح

(ميلاد أي شيئ ف الحياه هو ميلاد لكل شيئ في الحياه)

هاجر

جميل ان يحول الناس كل لحظة في حياته إلى ميلاد جديد ويستشعر بعظمة المكان والزمان فالآمال العظيمة تصنع العظماء.
التفاؤل من الأمور الجميلة والتي تجلب السعادة وتعطينا أمل كبير في الحياة وتحفزنا على فعل الكثير واستثمار الدارين بإذن الله …
الله يرزقك مزيدا من الإنجازات والتألق والعطاء والنجاح الدائم ان في الميلادين استاذنا الفاضل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *