جينا من الطايف والطايف رخا

من أصداء ملتقى وج الثقافي والأدبي!!

فاتحة واستهلال:
ذات يوم كتبت قصيدة عن الطائف المأنوس أقتطف منها هذه الأبيات:

هذي الديار دياري لست أجهلها

وإن بدت في ظلام العمر تختلف

هي الصَّبابة في أسمى مباهجها

وفي فؤادي تراتيلٌ ومعتكف

……………………

هي التي أورثت دنياي فتنتها

الطائف الأنس تأكيد ومعترف

أحبها قدر ما صلَّى الأنام ضحىً

وقدر ما (عرَّفُوا) بالحج و(ازدلفوا)

واليوم أكتب عنها نثراً بعد جولة ثقافية سياحية مع مجموعة من أدباء ومثقفي بلادنا السعودية استجابوا لدعوتنا فزاروا الطائف في الفترة ما بين 26-28/1/1444هـ، فكانت هذه الجماليات الأدبية والمقولات الثقافية صدىً لتلك الزيارة المباركة.

(2) وأنا من أبناء الطائف المأنوس، سعدت بالمشاركة مع أخي الدكتور ناصر الحميدي والأستاذ الدكتور عبدالله الزهراني لنكون ثلاثة من الأدباء (المستقلين) خارج السباق المؤسساتي الثقافي في مدينة الورد وعروس المصائف.

ولارتباطنا بالجمعية السعودية للأدب العربي، والتي تنظم جولات وزيارات لأنحاء ومناطق بلادنا السعودية اقترحنا على الزملاء أن تكون الطائف (مدينة الورد) هي المحطة القادمة للقائهم السنوي المعتاد.

وبناءً على ذلك تقدمنا بدعوة الزملاء أعضاء الجمعية ومجموعة من رؤساء الأندية الأدبية للتعرف على تراث الطائف وحضارتها والتواصل المعرفي والأدبي مع أدبائها ومثقفيها من خلال برنامج ثقافي مفيد وماتع يحقق تلك الغايات النبيلة.

ولتحقيق هذه التطلعات تم اختيار مسمىً تاريخياً وتراثياً لهذا الملتقى ويحمل سمة مكانية لها دورها في السياق الحضاري لمحافظة الطائف وهو (ملتقى وج الثقافي الأدبي) وتم إعداد برنامج ثقافي لمدة ثلاثة أيام في الفترة من 26-28 من شهر محرم 1444ه الموافق 24-26/8/2022م، وأخذ الموافقات اللازمة من الجهات المسؤولة، تم التواصل مع الزملاء أعضاء اللجنة للتعرف على الأعداد المؤكد مشاركتهم في هذا الملتقى.

وبعد ذلك تم التنسيق والشراكة مع الغرفة التجارية والصناعية بالطائف ورئيسها الدكتور سامي العبيدي وبعض رجالات الطائف وبعض المؤسسات الاجتماعية والخدمية الذين تعاونوا معنا في الاستضافة والاستقبال وتوفير السكن والمواصلات.

وكل ذلك بدعم وتوجيهات محافظة الطائف وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نهار بن سعود آل سعود حفظه الله، وسعادة وكيل المحافظة الأستاذ ناصر بن حمود السبيعي، اللذيْن أوليا هذا الملتقى كريم الرعاية والدعم والمساندة، فجزى الله الجميع خير الجزاء.

(3) الفعاليات:

أولاً: أهداف الملتقى:

يهدف الملتقى إلى جملة من الغايات والتطلعات وأهمها:

* التعريف بالأماكن السياحية والثقافية والتراثية والحضارية بالمحافظة.

* التعزيز الأدبي والثقافي والإعلامي في جميع المجالات في المحافظة.

* التعرف والاطلاع على مقومات الثقافة والفكر والفنون التراثية بالمحافظة.

ثانياً: برنامج الملتقى:

وانطلاقاً من تلك الأهداف والغايات تحدد للملتقى ثلاثة أيام في الفترة ما بين يوم الأربعاء 26/1/1444هـ وحتى يوم الجمعة 28/1/1444هـ الموافق 24-26/8/2022م حيث توافد الضيوف المشاركون من أغلب مناطق ومحافظات المملكة منذ ظهيرة اليوم الأول فيما بين الساعة الثانية ظهراً وحتى الساعة السابعة مساءً، حيث تم استقبالهم في بهو الفندق المعد لنزلهم وسكنهم وهو فندق (أوالف إنترناشيونال) وقد صاحب وصولهم زخات من الأمطار ترحيباً بمقدمهم وتتويجاً للترحيبة الطايفية المعروفة (مرحباً تراحيب المطر)!!

وبعد الاستراحة وتناول المشروبات الضيافية استعد الجميع للانطلاق نحو (حدائق الملك فهد) بحي الخالدية التي ستشهد حفل الافتتاح والأمسية الشعرية تحت رعاية سمو محافظ المحافظة وحضور نائب المحافظ سعادة الوكيل ناصر السبيعي حفظه الله.

وصل الجميع إلى الحديقة وكان في استقبالهم المدير التنفيذي للحديقة (عبدالرحمن الحماد) وثلة من منسوبي الغرفة التجارية حيث أخذونا في جولة سياحية وتعريفية عن الحديقة وتأريخ إنشائها والتحولات التطويرية  التي شهدتها حتى يومنا هذا وهي بذلك تعد من أبرز الأماكن الترفيهية والسياحية في غرب مدينة الطائف ومساحتها (2 مليون متر مربع) وتعتبر مجمعاً سياحياً متكاملاً فيها المطاعم ووسائل الترفيه وملاعب الأطفال والجلسات العائلية المصممة على أحدث وأجمل التشكيلات الهندسية، ويتوسطها بحيرة اصطناعية بمساحة 7500 متر مربع ومزودة بالشلالات والنوافير المائية.

وقد سعد الضيوف بهذه الجولة السياحية والتعريفية التي استمرت ما بين المغرب والعشاء، ثم انتقلنا إلى المسرح المفتوح استعداداً لبدء فعاليات حفل الافتتاح والأمسية الشعرية. وبعد وصول راعي الحفل سعادة وكيل المحافظة نيابة عن سمو المحافظ الأمير سعود بن نهار آل سعود، بُدِئ حفل الافتتاح بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم ثم كلمة إدارة الملتقى للأستاذ الدكتور عبدالله بن إبراهيم الزهراني الذي رحب بالضيوف وأثنى على جهود المحافظة والغرفة التجارية ورموز المجتمع الطايفي على حفاوتهم بضيوف الطائف وتجسيد صورة الوحدة والألفة التي تضم أبناء الوطن نتيجة لجهود التوحيد والتأسيس التي قام بها الملك المؤسس رحمه الله وأبناؤه البررة منذ الملك سعود وحتى سلمان الحزم والعزم والتاريخ!!

ثم كانت القصيدة الترحيبية التي ألقاها الدكتور الشاعر يوسف حسن العارف – أحد أبناء الطائف – وأحد المنظمين لهذا الملتقى ومما جاء فيها قوله:

حيوا معي جمعاً من الأدباء
هم شامة في خد كل فضيلة
حطوا الرحال كريمة خطواتهم
يا مرحباً (يا مرحباً تراحيب المطر)

 

هم صفوة النقاد والشعراء
وهم الفنار لطالبي العلياء
في الطائف المأنوس فيض بهاء
يا مرحباً… عطرتم أرجائي

ثم كلمة لأدباء الطائف ويمثلهم الأديب والمؤرخ والصحفي الأستاذ حماد السالمي الذي تحدث عن تاريخ الطائف ورموزه في الماضي والحاضر وحضارته التراثية ودوره السياسي المعروف عبر مسيرة الوطن السعودي وختمها بألوان الفنون والموسيقى الطايفية التي تغنى بها أحد رموزنا الموسيقية وهو من أبناء الطائف الفنان طارق عبدالحكيم رحمه الله مذكراً بأغنيته جينا من الطايف والطايف رخا والساقية تسقي ياسما سما…

ثم بدأت الأمسية الشعرية التي أدارها الأستاذ الدكتور عبدالله عويقل السلمي رئيس نادي جدة الأدبي وضيف الملتقى وشارك فيها سبعة من الشعراء ضيوف الملتقى وهم: الدكتور سعد الرفاعي والدكتور عبدالرحمن العتل والأستاذ صالح العوض والعقيد صالح العمري والأستاذ عبدالله الدريهم والأستاذ ماجد الجهني والدكتور يوسف العارف، ودارت القصائد حول موضوعات متعددة من الوطنية إلى القصائد الخاصة بمحافظة الطايف وامتيازاتها الآثارية والحضارية، إلى القصائد الوجدانية والإنسانية.

وفي ختام الأمسية تشرف راعيها وكيل المحافظة بتسليم الشهادات التقديرية للشعراء والجهات المشاركة فله جزيل الشكر والتقدير. ثم قام الوفد بزيارة إحدى الفعاليات المقامة في الحديقة وهو مهرجان (الطايف رخا) حيث استقبلهم مدير المهرجان الأستاذ سعد الغامدي وعرفهم على الفعاليات المتعددة والموجهة لكل شرائح المجتمع المتواجدين في الحديقة من أبناء الطائف والسياح والزائرين من مواطنين ومقيمين. وقد شاهد الجميع بعض تلك الفعاليات وشاركوا فيها!!

ثم انتقل الوفد والمضيفين إلى دكة الملك فهد في أعلى الحديقة – وهي موقع كان ينزل فيه الملك فهد يرحمه الله في ساعات العصر وأول المساء يوم كان يقيم في الطائف أثناء تواجد الحكومة الصيفي في مدينة الطائف – حيث تناول الجميع طعام العشاء بضيافة كريمة من الغرفة التجارية وإدارة منتزه حديقة الملك فهد فجزاهم الله خير الجزاء.

وبذلك تنتهي فعاليات اليوم الأول الأربعاء 26/1/1444هـ.
*     *     *
(4) وفي اليوم الثاني/ يوم الخميس 27/1/1444هـ، وبعد تناول وجبة الإفطار في الفندق/ النزل، تجمع الضيوف في بهو الفندق حوالي الساعة الثامنة والنصف استعداداً للجولات والفعاليات المخطط لها في برنامج الملتقى.

وكانت أولى الوجهات مسجد الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما حيث سيزور الجميع المكتبة التراثية التي تحمل اسم الصحابي الجليل رضي الله عنهما، حيث تم الاستقبال من قبل منسوبي المكتبة يتقدمهم أمين المكتبة الشيخ طلال الحارثي الذي قدم لنا شرحاً مختصراً وتعريفاً موثقاً عن المسجد والمكتبة وقبر ابن عباس والشهداء، وأطلعنا على المخطوطات والكتب النادرة، وأساليب الفهرسة وبعض الآثار الإسلامية من الأحجار الشاهدية وأهمها الحجر الشاهدي الذي وجد على قبر الصحابي عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، وأهدانا كتابه التعريفي عن المكتبة المعنون بـ(الطائف/ سؤال وجواب) والمترجم إلى اللغة الإنجليزية.
*     *     *
وفي تمام الساعة العاشرة والنصف تم الانتقال إلى جامعة الطائف لزيارة مركز تاريخ الطائف واللقاء مع منسوبيه للتعرف على هذا المركز التابع لدارة الملك عبدالعزيز وتديره الدكتورة لطيفة مطلق العدواني رئيسة قسم العلوم الاجتماعية بكلية الآداب وأستاذة التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة الطائف، والتي قدمت سرداً تعريفياً بالمركز التاريخي ودوره في خدمة الباحثين عن تاريخ الطائف، ومنجزاته المتحققة عبر السنوات الماضية منذ تأسيسه في العام 1442هـ = 2021م وعبر تطويره وتدشين هويته الجديدة في العام 1443هـ وحتى اليوم حيث الاستعداد لفعالية تاريخية مهمة بعنوان: الطائف تاريخ وحضارة عبر العصور والتي سيحدد موعدها لاحقاً وتوجيه الدعوة لحضورها والمشاركة فيها.

وقد حرص سعادة رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور يوسف بن عبده عسيري على لقاء الوفد والترحيب بهم في جامعة الطائف حيث خصص لنا من وقته أكثر من ساعة تم فيها الحوار والمناقشة حول الجامعة وفعالياتها ودورها في خدمة المجتمع المحلي وما حققته الجامعة من أولويات عبر إنجازاتها المتلاحقة.

ولأن سعادة رئيس الجامعة من محبي الأدب والشعر فقد امتدت الجلسة الحوارية لإلقاء بعض القصائد من الشعراء الضيوف والكلمات الخطابية والقصص التراثية مما حول هذا اللقاء إلى أصبوحة تاريخية وأدبية وشعرية بامتياز.

ثم انتقل الوفد إلى المكتبة الجامعية ليشاهدوا فعالياتها وخدماتها لطلاب الجامعة ومنسوبيها من خلال كتبها الورقية، وكتبها الرقمية التي تسهل على الطلاب والباحثين الوصول إلى ما يحتاجونه من أبحاث ودراسات وكتب تفيدهم في حياتهم التعليمية.

وفي تمام الساعة الثانية عشر والنصف تم توديع الوفد لمنسوبي الجامعة ورئيسها وإدارة مركز تاريخ الطائف الذين حملونا مجموعات قيمة من الكتب إهداءً وتعريفاً.
*     *     *
وفي تمام الساعة الواحدة كنا في مجلس الأمير صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نهار آل سعود محافظ الطائف، الذي حرص منذ بدء الزيارة على لقاء الضيوف وتبادل أطراف الحديث حول هذه الزيارة الأدبية والثقافية لمدينة الطائف وضواحيها حيث استهل حديثه بالترحيب بالضيوف شاكراً لهم هذه الزيارة الثقافية التي تدعم التوجهات التخطيطية لمحافظة الطائف، ثم تطرق في حديثه الماتع إلى الأدب والأدباء والطائف والحضارة والمسيرة التنموية لمحافظة الطائف ومراكزها التابعة وما تحظى به من دعم من لدن القيادة الرشيدة ملك البلاد وولي عهده الحاثين على استعادة الطائف لأمجاده السابقة يوم كان المصيف الأول للمملكة لما يمتلكه من إرث حضاري وموقع جغرافي وسمات عصرية، وبجهود أهالي الطائف وأدبائها ومثقفيها ستتحقق هذه الرؤية إن شاء الله.

ثم تمنى من الأدباء والمثقفين تكرار الزيارة والقيام بجهود أدبية وثقافية تدعم توجهات الدولة لتنمية المكان والإنسان من خلال طروحات الأدباء والمثقفين والوقوف على جمالياته البيئية والحضارية والتاريخية. ثم فتح باب الحوار والنقاش فأتيحت الفرصة لسعادة الأستاذ الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي عضو الوفد والضيوف ورئيس نادي جدة الأدبي الثقافي نيابة عن الوفد فألقى كلمته الضافية شاكراً لسمو الأمير إتاحة هذه الفرصة للقائه والاستماع لتوجيهاته ورؤاه التطويرية مهنئاً له بثقة ولاة الأمر لتكليفه محافظاً للطائف ومعرباً عن أمله في أن تشهد الطائف الكثير من الإنجازات والفعاليات التنموية والتطويرية في ظل دعم القيادة الرشيدة وصولاً إلى تحقيق الرؤية 2030 التي سيكون للطائف حضوره البهي فيها إن شاء الله.ثم دار الحوار والنقاش والكلمات والبوح الصادق من أعضاء الوفد وألقيت القصائد الشعرية ومنها قصيدة مهمة للشاعر عبدالله الدريهم قال فيها:

خذها من الأدباء والشعراء

يا وارث الأمجاد والعظماء

لما تشرفنا برؤية شخصكم

في موطن الأبطال والكرماء

ولأن اسمك يا سعود مبشرٌ

بحلول عصر سعادة ورخاء

ولأننا ممن يحب جدودكم

ويرى لهم فضل على الأحياء

قدمتها باسم الجميع محبة

لتكون تهنئة من الأدباء

وقد خلصت هذه الزيارة إلى أهم وأبرز النتائج حيث وافق سموه على أن يكون لهذا الملتقى شراكة فعلية مع المحافظة ولجنة تنسيقية لإقامة هذا الملتقى كل ستة أشهر (أي مرتين سنوياً) وأن يكون الدكتور ناصر الحميدي مسؤولاً عن هذه اللجنة وإعداد آليات العمل الإجرائية لتحويل ذلك الأمل إلى حقيقة واقعية في الأيام القادمة.
*     *     *
وفي تمام الساعة الواحدة وخمس وأربعين دقيقة انتهى وقت اللقاء مع سمو الأمير محافظ الطائف، لننتقل بعدها إلى المرحلة التالية من برنامج يوم الخميس 27/1/1444هـ، حيث توجه الوفد إلى منطقة الشفا حيث الجولة السياحية والتعريفية لأحد معالم الطائف السياحية وهي مزرعة الطلحي للورد الطايفي حيث تم استقبالنا على مائدة حصرية من فواكه الطائف الصيفية التي تتميز بها منطقة الشفا (خوخ (فرسك) ورمان وعنب وتين شوكي (برشومي)، ثم تناول طعام الغداء (الرز السليق) الطايفي بالسمن البلدي في ضيافة الأستاذ حسان الطلحي الذي أخذنا في جولة سياحية على مزارعه الوردية ومصنع تولة ورد وشرح لنا آلية قطف الورود وموسمها وتجهيزها للتقطير على آلات خاصة وتحت درجة حرارة معينة حتى يحصلوا على منتجات ثلاثة (عطر الورد المركز) و(ماء الورد لإضافته لمياه الشرب) و(الماء الوردي الخفيف للمفارش والمنتجات العطرية والشموع وغيرها).

والجدير بالذكر أن الأخ حسان الطلحي ذكرني أنه من تلاميذ مدرسة الوالد الصيفية وأنني قمت بتدريسه في إحدى فترات الصيف في هذه المدرسة، وهي حالة تربوية وتعليمية فريدة عشناها ومارسناها ونحن طلاب في الثانوية والجامعة حيث كان الوالد يفتتح فصولاً صيفية تقدم خدماتها التعليمية لفئتين من الطلاب:

– فئة الطلاب المكملين وعليهم دور ثاني فيلتحقون بهذه المدرسة للتقوية والاستعداد لاختبارات الدور الثاني.

– فئة الطلاب المنتقلين للمرحلة التعليمية التالية فيلتحقون بهذه المدرسة تقوية واستشرافاً واستعداداً للمرحلة القادمة.

وكنا – نحن أبناء الشيخ حسن العارف – نقوم بدور التدريس!! ولعل هذه المكتسبات التذكارية من أبرز فوائد هذه الجولة السياحية في ربوع الشفا ومصانع الورد الطايفي!!
*     *     *
ولم ينته يومنا السياحي… فبعد استراحة قصيرة تجمع الوفد منطلقين بعد صلاة المغرب إلى زيارة مكتبة الدكتور ناصر الحارثي وأخاه الأستاذ منصور الحارثي في أعلى وادي المثناه – أهم الأحياء وأجملها في الطائف – حيث وجدنا في الاستقبال ثلة مباركة من الرموز الثقافية من أبناء الطائف ومن قبيلة (بالحارث) وقبيلة (بني سعد) المعروفة جنوب الطائف والذين يشكلون جزءاً كبيراً من محافظة جديدة اسمها (ميسان) التي تضم قبائل ومراكز بني سعد، وبني مالك، وثقيف وغيرها!!
وقد أقيمت أمسية تاريخية للأستاذ فالح الشيباني والأستاذ منصور الحارثي عن أعلام ومعالم الطائف شارك الحضور فيها بالحوار والمداخلات والقصائد الشعرية وكانت أمسية مفيدة ماتعة تخللها كثير من اللمحات واللقطات الأدبية والفلكلورية وأبرزها مشاركة شاعر عكاظ حيدر العبدالله، الذي يزور الطائف مع ضيوف ملتقى الأدباء. ثم دعينا إلى مائدة متنوعة من ألذ الطعام عشاء ضيافة فاخر استحق مني ارتجال قصيدة ولدت في حينها قلت فيها:

ليل وضوء يبهج الأنظارا
جاءت قوافي الشعر في ملكوتها
أهديتها للباذلين تكرماً
من آل حارث ناصر وعضيده
طابت لياليكم وطاب مساؤكم

 

ومساء سعد يبدع الأشعارا
تهمى حروفاً زانهن وقارا
والحائزين محبة وفخارا
منصور، صاغا عزة ومنارا
وتوشحت أيامكم ازدهارا

وانتصف المساء فعدنا إلى النزل للاستراحة والاستعداد ليوم الجمعة وبرنامجه الثقافي الحافل بكل جديد.
*     *     *
(5) وفي ثالث أيام الملتقى، يوم الجمعة 28/1/1444هـ – الذي يعد آخر الأيام – كان البرنامج حافلاً بفعاليتين ماتعتين مائزتين فبعد وجبة الإفطار الباذخة في المطعم البانورامي الدائري في الدور التاسع والعشرين من فندق أوالف تجمع الوفد استعداداً لصلاة الجمعة في مسجد الصحابي الجليل عبدالله بن عباس رضي الله عنهما واستمع الجميع إلى خطبة عامرة بالمواعظ والأحاديث النبوية، ثم جولة في ساحاته الخارجية والتعرف على معالمه الآثارية وقد عرفنا أنه من المساجد التراثية وقد بني في المكان الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء حصار الطائف في السنة الثامنة ثم جدد في أيام الدولة العباسية عام 592هـ ثم جدد في العهد العثماني، ثم كانت التوسعة السعودية الأولى أيام الملك سعود ثم التوسعة الأخيرة أيام الملك فيصل رحمهما الله جميعاً حيث بلغت مساحته حوالي (15000 متر مربع) وكان للمسجد دوراً تنويرياً وتعليمياً وتثقيفياً طوال العهود السابقة.

ثم انتقلنا إلى فندق (هدكن) حيث طعام الغداء على ضيافة الوجيه محمد بن محفوظ صاحب الفندق الذي سخر لنا جميع إمكانات الفندق للسكن فيه ولكن الغرفة التجارية بالطائف قد هيأت للضيوف ولنا سكناً مناسباً في قلب الطائف النابض، فاعتذرنا له وقبلنا دعوته التي أصرَّ فيها على استضافة الوفد على مائدة الغداء الفاخرة، فجزاه الله خير الجزاء. عدنا بعدها إلى النزل للاستراحة والاستعداد للبرنامج التالي في فترة العصر والمساء.
*     *     *
وفي تمام الساعة الرابعة والنصف تجمع الوفد استعداداً للانطلاق إلى جولة سياحية وتراثية وأثارية في متحف الشريف علي الفعر الواقع في حي أم السباع والذي تم افتتاحه عام 2005م = 1425هـ.. وهو من أهم المزارات التراثية بالطائف ويشغل مساحة كبيرة تقدر بـ(6000 متر مربع) أسسه الأستاذ الشريف علي بن خلف الفعر من أهالي الطايف ويضم 25 قاعة متحفية توزعت فيها القطع التراثية من بنادق وسيوف وأسلحة، وأدوات المهن المختلفة، والملابس التراثية نسوية ورجالية، وأدوات القهوة والشاي وأدوات الزراعة وقاعة المخطوطات والكتب القديمة والنادرة، وصور لمدينة الطائف ومعالمها القديمة وقاعة للنقوش الحجرية، وقاعة للسيارات القديمة وقاعة للنقوش الحجرية، وقاعة للسيارات القديمة ومسرحاً للفعاليات الثقافية وغيرها من القاعات.

وبعد استقبالنا بالأهازيج التراثية والتراحيب الطايفية ومسيرة السيارات القديمة، قمنا بجولة تعريفية بمرافقة صاحب المتحف وإعلاميي الطائف السنابين أهل الإعلام المعاصر ووسائل التواصل الحديثة الذي أفادنا بالمعلومات السابقة وكثير غيرها لاتسمح المساحة الكتابية بذكرها ولكنها موثقة على الموقع الإلكتروني للمتحف وعبر قنوات اليوتيوب والويكيبيديا. وبعد الجولة التعريفية عقدت جلسة حوارية وثقافية تطارحنا فيها الشعر والنثر، ومرئيات ومشاهدات الوفد الزائر حول المتحف ومحتوياته وبعد ساعتين من الضيافة الكريمة والحوار الماتع تنادينا إلى المغادرة لتنتهي جولتنا في هذا المتحف العريق، والعودة إلى النزل الذي يسكن فيه الضيوف ومع مغرب هذا اليوم الأخير الجمعة 28/1/1444هـ ينتهي الملتقى ونودع الضيوف بمثل ما استقبلناهم به منشدين لهم ومعهم قول المتنبي:
يا من يعز علينا أن نفارقهم ………. وجداننا بعدكم كل شيء عدم

وقول ابن زريق البغدادي:
ودعته وبودي لو يودعني ………. صفو الحياة وأن لا أودعه

على أمل اللقاء القادم في إحدى المناطق أو محافظات بلادنا السعودية.
*     *     *
ثالثاً: التوصيات والمقترحات:

وبعد تمام الملتقى ووداع الضيوف، اجتمع المنظمون لصياغة الخلاصة النهائية لفعاليات ملتقى وج الثقافي والأدبي والتي تمثل توصيات واقتراحات إجمالية وتفصيلية لعلها تسهم في استمرار هذا الملتقى وتطويره بشكل يتناسب مع رؤية المملكة 2030 استئناساً آنياً، واستشرافاً مستقبلياً.

وانطلاقا من أهداف الملتقى التي حددها المنظمون عبر الثلاثية التالية:
– التعريف بالأماكن السياحية بمحافظة الطائف.
– التعزيز الأدبي والثقافي والإعلامي بمحافظة الطائف.
– التعرف على مقومات الثقافة والفكر والفنون والتراث بالمحافظة.

وبعد انتهاء الفعاليات المخطط لها في برنامج الملتقى توصل المشاركون إلى التوصيات التالية:
أولاً: يثمن المشاركون الرعاية الكريمة من أمارة المنطقة وسمو محافظ الطائف والغرفة التجارية بالطائف ودورهم في تنمية الحراك الثقافي والأدبي، ويقترحون ما يلي:
1 – توجيه خطاب شكر وتقدير لسمو محافظ المحافظة على رعايته للملتقى واستقبال المشاركين في المحافظة ظهر يوم الخميس 27/1/1444هـ والاستفادة من توجيهاته وتطلعاته.
2 – توجيه رسالة امتنان وتحية لسعادة وكيل المحافظة على حضوره ومشاركة لفعالية الافتتاح والأمسية الشعرية التي أقيمت بحدائق الملك فهد مساء يوم الأربعاء 26/1/1444هـ.
3 – توجيه الشكر والعرفان لغرفة الطائف التجارية التي دعمت الملتقى وسهلت كل الإجراءات التنظيمية لإنجاح هذه الفعالية.
4 – توجيه خطاب شكر، وشهادات تقدير للجهات التي شاركت في استضافة الملتقى وضيوفه من الأدباء والمثقفين وهم:
– إدارة جامعة الطائف ورئيسها الدكتور يوسف عسيري.
– مركز تاريخ الطائف، إدارة ومنسوبين.
– أمين مكتبة الصحابي عبدالله بن عباس رضي الله عنهما.
– صاحب مصانع الورد الطايفي بالشفا.
– الدكتور ناصر الحارثي وأخيه منصور وإتاحة اللقاء في مكتبتهما العامرة.
– صاحب متحف الشريف علي الفعر التراثي.

ثانياً: الشكر للأديب الدكتور عبدالله عويقل السلمي لتبنيه ومبادرته إعداد مسودة تعريفية بـ(ملتقى وج الثقافي) أهدافه وغاياته وآليات تنفيذه، على أمل إنجازها خلال أسبوعين من تاريخه.

ثالثاً: إسهام المشاركين/ ضيوف الملتقى بالأفكار والمقترحات لإعداد المقترح النهائي للملتقى في صورته الجديدة التي ستقدم لسمو محافظ الطائف.

رابعاً: يوصي المشاركون بتعزيز سبل الشراكة بين جمعية الأدب وجامعة الطائف في المجالات الأدبية والثقافية.

خامساً: واستجابة لتوجيهات سمو المحافظ بتنشيط الحركة الثقافية والأدبية في محافظة الطائف يوصي المشاركون بتنظيم ملتقى نصف سنوي للأدباء والمثقفين في هذه المحافظة، ويقترحون إنشاء جهة تنسيقية بين المحافظة ولجنة الملتقى التي يمثلها الأستاذ الدكتور عبدالله الزهراني والدكتور ناصر الحميدي والدكتور يوسف العارف.

سادساً: يوصي المشاركون بدعم المبادرات الثقافية والأدبية والتجديد في الفعاليات بما يسهم في تنمية التراث الأدبي والثقافي السعودي.

وختاماً يأمل المنظمون استمرار هذه الفعاليات الأدبية واللقاءات الثقافية وإشراك المجتمع المحلي والجهات ذات العلاقة في تنميتها واستمرارها بما يعود بالنفع على الوطن وشباب الوطن تحقيقاً للرؤية الطموحة 2030 التي نتطلع إلى الإسهام في مخرجاتها الآتية والمستقبلية.

خاتمة ودعاء:
وبعد هذه الفعـاليات الثقافـية، والجـولات السـياحية، والطروحـات الأدبية، شعرنا – كمنظمين – بمزيد الفخر وعذوبة الإنجاز وروعة التنفيذ فلله الحمد والمنَّة، ولزملائنا وضيوف الملتقى جزيل الشكر وتمام المحبَّة أن منحونا هذه الفرصة للاحتفاء بهم وتعريفهم بالطائف سياحة وثقافة وفكراً وأدباً.
ولمحافظة الطائف (محافظاً ووكيلاً وعلاقات عامة) تقديراً واحتراماً، وللغرفة التجارية ورجال الأعمال والأهالي الذين استضافونا وأكرمونا كل التحية والدعاء الصادق ولمدينتنا طائف الورد نقول هذه الأبيات:

الطائف المأنوس رمز حضارة
ما بين (وج) أو (شهار) تمازجت
أمسٌ تراثيٌّ وعهد حاضرٌ
ما ثمَّ ورد يستحق عنايتي
فمدينة الورد التي أحببتها
أهديتها روح الفؤاد ومهجتي
يا طائفي المأنوس عذراً إنني
يا طائفي المأنوس هاك تحيتي

 

وشموخ علم وارتقاء مكان
روح الحضارة والتقى الضدان
هو للحداثة عاشق متفاني
إلا ورود الطائف الجذلان
أهديتها شعري وكل بياني
ومعاني الأشواق في وجداني
فيك المتيم صادق الإيمان
والعذر ألفاً إن قلاك لساني

والحمد لله رب العالمين.

مقالات سابقة للكاتب

تعليق واحد على “جينا من الطايف والطايف رخا

أحمد مهنا

لقد جمع الله لك بين متع نوعية متعددة ، فهنيئا لك !
ولا يطمع في مثل هذه المتع كل ذاهب للطائف فمنها ماهو من أملاك الدكتور يوسف الخاصة وأمثاله وفقه الله 💐

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *