الفراغ إبن الشيطان الأكبر

يعتقد البعض أن الوحدة بشكل مطلق أنها مدمرة وعادة سلبية وهذا خطأ تماماً، المدمر في المنظومة بشكل عام هو الفراغ وأن لا تجد شيئاً نافعاً تقوم به سواء خلال وحدتك أو عندما تكون وسط جمع من الناس. الوحدة بإمكانها أن تكون عادة إيجابية وقوة هائلة وطاقة عظيمة إذا وُظِّفت واستثمرت بشكل صحيح وذكي .

دائماً وأبداً لا تجعل نفسك في دائرة الفراغ مهما كان لديك عذر لذلك. انطلق وبسرعة في مهمة نافعة تفيد بها نفسك وتفيد بها أسرتك ومن ثم مجتمعك.

في أحد تغريداتي وصفت الفراغ بإنه “إبن الشيطان الأكبر”. عندما تكون في مواجهة الفراغ الكبير وليس لديك أي عمل إيجابي تقوم به فأنت على جُرفٍ هارٍ وتوشك أن تقع في الهاوية.

الكثير من الناس يعاني من الملل والإكتئاب لأنهم لا يستطيعون أن يستثمروا وقت الفراغ بشكل جيد، لذلك تراهم ينخرطون في أنشطة تافهه ومضيِّعة للوقت وللعمر والبعض يدخل بالساعات في نقاشات وحوارات وثرثرة عديمة الفائدة بل ربما يكتسب من وراءها الإثم والوزر كمن يتحدث في شؤون الناس بالغيبة والنميمة والزور. والبعض الآخر جعل وقته الذي هو رأس ماله مخصصاً لمتابعة المشاهير التافهين في وسائل التواصل الإجتماعي فيجد نفسه في نهاية المطاف قد خسر كل شيء وخرج بخفي حُنين من هذه المعادلة الخاسرة فيغمره الشعور بالندم والحسرة والضياع لأنه أدخل نفسه في متاهه من الصعب الخروج منها.

والبعض الآخر يحرق الساعات الطوال أمام شاشات التلفاز لمتابعة المسلسلات الهابطة ومتابعة الأفلام السيئة أو غيرها من الأمور التي ليس فيها أي نفع بل قد تعود بالضرر الكبير والعواقب الوخيمة.

في ختام هذه المقالة فإن وصيتي المباشرة لك عزيزي القارئ هي أن تكون متيقظاً دوماً لأعظم مورد لديك ألا وهو (الوقت )والذي إذا ذهب منك وخسرته فإنه لايمكنك تعويظه ، كن حذراً في تعاملك مع الوقت ودائماً وظِّف وقتك في إستثمار نافع ومفيد ، وحينما يأتيك الشعور بالفراغ فإن هذا مؤشر يحثُّك على التصحيح والتعديل وتوجيه وقتك فوراً نحو نشاط إيجابي وفعّال. إذا كنت يقظاً على طول الطريق فإن السعادة ستشرع لك أبوابها المفتحة للدخول من أي باب تشاء، وستعيش حياة ذات قيمة وجودة عالية وستجد نفسك شخص يسير بنسق متصاعد نحو القمة والنجاح وستحقق أهدافك في وقت قصير جداً.

نوار بن دهري
[email protected]

مقالات سابقة للكاتب

3 تعليق على “الفراغ إبن الشيطان الأكبر

ابونايف

أعجبني وشدني جداً تشبيهك بأن الفراغ إبن الشيطان الأكبر. لأنه فعلاً هدر الوقت فيما لا ينفع الإنسان بل يضره في أمر دنياه وآخرته مجرد التفكير في ذلك أمر مرعب ومخيف فكيف فيمن يضيع رأس ماله في الحياة وهو “الوقت” وكيف فيمن يبارز الله بالمعاصي سراً وعلانية ويحرق وقته في دوامة الخسران والضياع شيء مؤلم وموجع جداً. بارك الله فيك و في ما تنشره من فكر نيِّر أخي نوار ونفع الله بعلمك وننتظر منك المزيد من التألق والإبداع ونشكر صحيفة غراس على استقطابها للأقلام المبدعة التي تنشر الفكر وتزيد من الوعي المجتمعي نحو التميز والإبداع لوطننا الحبيب وللأمة الإسلامية والعالم بشكل واسع.

د ايمن عبد العزيز

طرح مميز أستاذ نوار ، ولنا في ديننا الحنيف ما يؤكد ذلك من حديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ) وذلك يعني : كثير من الناس تضيع صحته بغير فائدة، وفراغه في غير فائدة، صحيح الجسم معافى في بدنه، وعنده فراغ ولكن لا يستعمل ذلك فيما ينفعه، وفيما يقربه من الله، وفيما ينفعه في الدنيا، فهذا مغبون في هاتين النعمتين. تقبل فائق التحية والتقدير لشخصكم الكريم.

حسن حمزي

طرح اكثر من رائع سعادة الاستاذ نوار
ولي اضافة اذا سمحت لي استاذنا الغالي هناك ابن اخر للشيطان لا يقل اهمية عن الابن لاول ذكره ابو العتاهية في بيت من الشعر حيث قال الفراغ والشباب والجِدَة مفسدة للمرء أي مفسدة • ومعنى الجِدَة هو وفرة المال. وهي التي قصدت انما هناك تصحيف بسيط وهي وفرة المال في يدي من لايحسن التصرف ام ما نسميه بالسفيه يقول الله عز وجل: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾
وذا علم الانسان انه سياتي عليه وقت لن يجد الفراغ الذي كان يجده سيكون حريصا على قضاءه فيما يعود عليه بالنفع والفائدة وصدق رسولنا الكريم حين قال لرجل وهو يعظه اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ وذكر وفراغَك قبل شُغلِك فالفراغ اذا استحكم من الشخص اهلكه مقال اكثر من رائع تقع مذهولا من روعة اسلوب الكاتب وجودة انتقائه للمفردات شكر استاذنا الغالي على المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *