هذه عدة وصايا متسلسلة أكتبها بين الفينة والأخرى أوصي بها بناتي فهن أجمل شيء في حياتي ، وكذلك أوصي بها جميع بنات المسلمين ، وهي صادرة من قَلْبِ أَبٍ يُحِبُ لَكْنَ الخير والسعادة ، أملاها عليه واجب الأبوة وعهد النبوة :
| الوصية الأولى |
{ تقوى الله تعالى}
عليكنّ يا بناتي بتقوى الله سبحانه و تعالى في السر والعلن فهي وصية الله للأولين والأخرين قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }.
وتقوى الله يا بناتي أن يراكنّ الله
في مكان قد أمركن به و أن لا يراكنّ في مكان قد نهاكنّ عنه.
و تقوى الله يا بناتي هي أن تجعلنّ بينكنّ و بين عذاب الله وقاية ، و تقوى الله يعرفها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – ” بإتباع أوامر الله وإجتناب نواهيه “.
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ )).
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى – : “جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خصلتان :
الأولى : تقوى الله وهي التي تصلح ما بينك وبين الله.
والثانية : حسن الخلق وهي التي تصلح ما بينك وبين الناس ” .
وتقوى الله خير الزاد ذخراً
و عند الله للأتقى مزيد
| الوصية الثانية |
{ المحافظة على الصلاة }
أوصيكن بالمحافظة على الصلوات الخمس فهي عمود الدين وإن للصلاة في الإسلام منزلة عظيمة فهي الركن الثاني من أركان الإسلام وهي أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم : ” اذا حزبه أمرٌ قام فصلى” .
فحافظوا عليها لكي تكون سبباً لكن في دخول الجنة و ذخراً ليوم القيامة فقد صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : (( إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ )).
| الوصية الثالثة |
{ عليكن بالحجاب }
أوصيكن بالمحافظة على حجابكن فإن الله سبحانه وتعالى أمركن بالحجاب والستر والعفاف
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا }.
و قال ابن عباس رضي الله عنه: ( أمر الله نساء المؤمنين اذا خرجن من بيوتهنّ في حاجة أن يغطين رؤسهنّ بالجلابيب ).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه )) .
حِجَابُ الشرعِ مطهرةٌ وفخرٌ
وصَابٌ في حلوقِ القادحينا
تأسي في نساءٍ صالحات
شرفنا بالهدى في السالفينا
| الوصية الرابعة |
{ حفظ البصر }
إحفظن أبصاركن من النظر إلى المحرمات كالنظر إلى المسلسلات الماجنة مثلاً أو النظر إلى الصور الخليعه العارية والتي تملأ الكثير من الشاشات والمجلات وبعض المواقع كاليوتيوب وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.
قال تعالى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن }
و النظر سهم من سهام إبليس وقد نظر أحدهم نظرة لا تحل له وكان يحفظ كتاب الله تعالى عن ظهر قلب فرمقه أحد الصالحين فقال له : والله لتجدن مغبتها أو مرارتها ولو بعد حين .. فنسي كتاب الله تعالى بعد ردحاً من الزمن ..
كل الحوادث مبدأها من النظر
و معظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها
فتك السهام بلا قوس ولا وتر
| الوصية الخامسة |
{ إحذرن موجة التغريب }
احذركن يا بناتي من الحملات الإعلامية التي تشنها بعض الشاشات الفضائية والسوشال ميديا .. والتي تسعى لتحرير الفتاة ودعوتها للرذيلة والتفرغ التام لمتابعة الموضة والأزياء الحديثة بحجة الإنفتاح والتجمل لتنسلخ من حيائها ودينها فتسترجل وتفقد أنوثتها الحقيقية :
ما بالأنوثة من عار لتنسلخي
منها، وتسعي وراء الوهم في سربِ
لا تحسبي أن الاسترجال مفخرة
فهو الهزيمة أو لون من الهربِ
و لستِ قادرةً أن تصبحي رجلاً
ففطرة الله أولى منكِ بالغلبِ
يارب أنثى لها عزم لها أدب
فاقت رجالاً بلا عزم ولا أدب
| الوصية السادسة |
{ إياكن وهوس التصوير}
إحذرن يابناتي من الوقوع في هوس التصوير والسعي وراء الشهرة فهناك من النساء من لم يكن همهن إلا تصوير أنفسهن ومنازلهن وأثاثهن بل تجاوز الأمر إلى تصوير خصوصياتهن الأسرية ونشرها جلباً للأنظار ولأكبر عدد من المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي.
فأحذركن من مغبة هذا الأمر والتساهل فيه ، وقد قال الشيخ علي الطنطاوي – رحمه الله تعالى – في كتابه (الذكريات) : (٢٠٩/٨) مانصه: ” إني لأعجب ممن يسعى للشهرة ويراها شيئا جميلا!
ما الشهرة؟ هي أن تفتّح عليك الأعيُن كلها ، ويراقبك الناس جميعاً فتفقد بذلك حرّيتك! “.
وإن السعي في طلب الشهرة ومتابعة المشاهير مما تضيع به الأوقات وتفنى به الأعمار دون رصيد علمي ولا ثقافي ، وقد كان سلف الأمة رضوان الله عليهم يفرون من الشهرة رغبة فيما عند الله وإخلاصاً له عزوجل.
مقالات سابقة للكاتب