ينسب إلى الفيلسوف الآيرلاندي برنارد شو انه قال ( إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي لو كان بيننا لحلّ مشاكل العالم وهو يرتشف فنجان من القهوة ..”)
وبغض النظر ان كان ما نسب إلى برنارد شو انه قال هذا الكلام أو لم يقله فنحن لدينا الخبر اليقين والحقيقي في معنى هذا الكلام فقد قال رسول الله ﷺ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلَا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ رواه مسلم[1]
إذاُ نحن لسنا في حاجة إلى قول برنارد شو أو غيره ولو اتبعت البشرية هذه الوصايا عن السلام لعاشت في وئام وحب وصفاء بدلاً من هذا الحقد الذي يسري في البشرية قاطبة نعم لو اتبعت هذه الوصايا وغيرها مما ينشر الحب لما حدثت الحروب المدمرة للبشرية فقد اخترع البشر اشد أنواع الأسلحة المدمرة للإنسان بل لكل ذي روح بل حتى الجماد لم يسلم من ذلك الحقد الذي نمّته البشرية في قلبها كما يربي المرء حيوانا مفترسا يوشك ان يفتك به لن يسلم منه شيء وتفاخرت بهذا الحقد وتسابقت في هذا المجال سباق محموم أنظروا إلى ما فعله البشر منذ ان قتل قابيل أخاه هابيل حسدا له وطمعا وجشعا إلى يومنا هذا أقرأوا وتوغلوا في أعماق التاريخ إلى أن تصلوا إلى وقتنا الحاضر لم تستطع البشرية ان تكبت الحسد الذي يشتعل أواره في قلبها لتعيش في صفاء ووئام تعمر الأرض وتبنيه كما اراد الله لها حين جعل الإنسان خليفة في الأرض ليعمرها بالحق وفي الحق وللحق دعونا نطوي صفحة الماضي السحيق مما فعله البشر من حروب في عمق التاريخ ولنجعل هذا العصر أنموذجا لكل حقب التاريخ مما قام ويقوم به الإنسان من الحقد والغل على إخيه الإنسان….
فقد إندلعت الحرب العالمية الأولى في القرن العشرين وبالتحديد من ١٩١٤ إلى ١٩١٨ ارتكب البشر في حق بعضهم في هذه الحرب كل انواع القتل والدمار لا لشيء سوى الطمع والجشع الذي يسيطر على الإنسان حينما يجعل الحياة مادية بحته خالية من الروحانيات والإيمان إذ بدون الإيمان لا يمكن أن يكون هناك خلاص للبشرية ولن يكون هناك سلام واذا بحثنا عن سبب لتلك الحروب المدمرة لا نجد سببا غير الغل والحقد والحسد والجشع والطمع والغرور والطغيان ومحاولة سيطرة البعض على مقدارات الآخرين فقد جعل الله الناس شركاء في هذه الأرض..
انتهت الحرب العالمية الأولى بعدما قتل فيها ٢٠ مليون انسان… وظن الناس ان الأمور انتهت عند هذا الحد ولم يعلموا ان هناك من أخذ ينمي الحقد والغضب سنوات إلى أن جائت سنة ١٩٣٩ حتى بدأت الحرب العالمية الثانية وفي الحقيقة لم تمر على البشرية من الفظاعات ما مرت في تلك الحرب حيث استمرت لسنة ١٩٤٥ ست سنوات من الدمار والقتل وإزهاق الأرواح حتى البهائم لم تسلم من تلك الفظاعات ٥٠ مليون انسان راحوا ضحية تلك الحرب المجنونة عوضا عن الدمار الذي لحق بالمدن تفنن البشر في اختراع كل ما هو مدمر اذا لن يكون هناك سلام ان لم تتبع البشرية تعاليم الله ستظل تقتل بعضها وتخترع كل ما هو فتاك حتى تعود إلى المنهل الصافي العذب الذي أنزله الله لتحكم به الإسلام هو الحل لأنه يدعوا للسلام الذي ينتج الحب والصفاء والوئام بدون ذلك لن تكون هناك راحة للبشر وستظل البشرية تجتر الحقد الذي سيؤدي في النهاية لفنائها ( أفشوا السلام بينكم ) يالها من كلمات نورانية يالها من وصايا تريح النفس وتدعو إلى الطمأنينة والسكينة وراحة النفس وهنائها والسلام لعظم شأنه فقد اتخذه الله وجعله اسم من اسمائه الحسنى ليقدسه الناس ويجعلونه نبراسا ونورا يهديهم في دياجير الجهل والغرور والكبر الذي اقحموا انفسهم فيه فتاهوا في دياجيره وظلماته ولن يجدوا الطريق حتى يعودوا إلى بارئهم وها نحن مرة أخرى تطرق الحرب ابواب الدول فيستثمرها كل جهول طمعا في الغنيمة وكأنه على يقين انه سينجوا لينال من غنيمة مغموسة بدماء أخيه الإنسان وهو يعلم أن هذه المرة اذا اشتعلت الحرب وشب ضرامها فسوف تكون بإسلحة نسأل الله أن ينجي البشرية من هولها ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)
إبراهيم يحيى أبو ليلى
مقالات سابقة للكاتب