لعل الذاكرة تعود ببعضنا اليوم إلى الخلف كثيراً .. حيث سطوع أول نور علم و معرفة على محافظة خليص عامة ، و أهالي وادي قديد و أبناء الظبية و الجمعة خاصة .. و ذلك عندما أشرقت شمس العلم و جلاء ظلام الجهل ، و رحيل الليل و بداية انبلاج ضوء الفجر لينبئك بصبح جديد يطل على أبناء و شباب المحافظة .
أشرقت الشمس و طلع النهار و إذا بأول مدرسة حكومية تأسس بالمحافظة تشرع أبوابها للجميع ، و تستقبل أكثر من 52 طالباً و بكادر تعليمي مكون من معلمين أحدهما هو من يديرها ، و هو أول مدير للمدرسة الأستاذ عبد الله بقيران الهندي في عام 1372 هـ .. حدث تاريخي بلا شك …
صحيفة غران الإلكترونية كان لها زيارة إلى هذه المدرسة ، حيث وقفت على مبانيها و تجولت داخل أروقتها و نقلت لكم بالصور من داخل مبناها الذي لايزال قائماً بعد مضي 65 عاماً على إنشائه بجدرانه الطينية التي قامت على قواعد حجرية … ألا و هي مدرسة “زيد بن ثابت الابتدائية” و مقرها الظبية و الجمعة ..
المبنى مكون من عدد 6 فصول دراسية و غرفة للإدارة و أخرى استخدمت كمسجد ، بالإضافة إلى فناء خارجي و ملعب مختص بحصة التربية البدنية … و قفت بها بصحبة الأستاذ محمد الرايقي و لحق بنا هناك كلاً من الأستاذ فيصل اللبيني و الأستاذ خضر مخضور الفارسي … وقفت بكل زاوية أحاول استرجاع عصر لم أولد فيه بعد ، و حاولت أن أنفذ حصة على من كان معي .. فأجلستهم على جذوع النخل المتساقط من السقف و وقفت أمام السبورة فلم ننجح و لم ينجح الدرس .. فليس المعلم هو ابن بقيران و زميله .. و لا الطلاب هم أولئك …
ذهبت مع الأستاذ محمد الرايقي لتفقد الساحة الخارجية حيث الملعب الرياضي ، فالتقطنا المصور بكاميرته مع فتحة بالجدار سقطت مع مرور الزمن ، و من ثم التفت إلى موقع المدرسة فوجدته أختير بعناية فائقة على ربوة مرتفعة عن مجاري السيول و إن كان بمحاذاة وادي السيل و وسط مزارع النخيل و الخضروات … تحركت و تجولت بالمدرسة فكل زاوية فيها تفوح منها ذكريات معلمين و طلاب و درس و طبشورة و صورة تتبلور إلى مخيلتك … صف دراسي قد جلس طلابه على حصير من سعف النخل تطور إلى حنبل و من ثم إلى مقاعد و طاولات … معلم يمسك بيد طبشورة و بالأخرى باكورة كأنها (عصا العم معيض) و بجيبه قلم أحمر و آخر أزرق … و ماء في زير بالطرف البعيد يشرب منه المعلم والطالب .. و مع الطالب كتاباً ضخماً و دفتراً ربما استخدم لكل المناهج …
ذكريات أصعب منها تصور وضع المدرسة الآن على من تخيلها ممن درس بها مابين عام 1372 هـ إلى عام 1382هـ ، و لو قدر لك أن تتحدث مع من هو على قيد الحياة من معلميها ، لوصف لك الأمر أجدر و أوفى ممن هو مثلي يتتبع الأثر و يأخذ بالسمع …
جزى الله المعلمين خير الجزاء الذين كان لهم السبق بالنقش في أذهان طلاب الأمس البعيد حروف ، و أسمعوا آذانهم كلمات من الذكر و المعارف ، و سطروا بأناملهم مهارات تفكير و حروف كانت لهم نوراً ، فغيرت مجرى حياتهم و أخرجتهم من المزروعة إلى المدرسة و من ضيق المكان إلى أفق السماء و من تحجير العقول إلى اتساع المفاهيم ، و من غسق الليل إلى نور الصباح ، و من عبادة لله كان يشوبها شيئاً من جهل و خرافة إلى عقيدة خالية من كل آفة .
غادرنا المكان و بالنفس حسرات أن يندثر مابقي منه و يذهب أدراج الرياح .. و إني لأرجو و اتأمل ممن درس بتلك المدرسة و تتلمذ على أيدي معلميها ، أن يلتفتوا لها و يولوها شيئاً من الاهتمام ، بتأسيس فريق عمل يقوم بإعادة ترميمها باللبن و الطين و الحجر و جعلها متحف و مقر ثقافي تسير له رحلات طلابية من جميع مدارس المحافظة و يبقى مبنى المدرسة مركزاً ثقافياً خالداً تعقد به ندوات و محاضرات و تقام به المناسبات و الحفلات .. هذا طلب أوجهه لربان المركز القائد الفذ سعادة رئيس مركز الظبية و الجمعة الأستاذ عابد المدرع ، و سعادة مدير مكتب تعليم خليص الأستاذ عمران الصبحي ، في سبيل المحافظة على تاريخ التعليم بالمحافظة و يظل مصدر إلهام و مثل حي للأجيال المتعاقبة جيلاً بعد جيل .
انتقلنا إلى مبنى المدرسة الجديد و بالتأكيد الفرق و البون الشاسع ينبئك بالنقلة النوعية للتعليم بالمحافظة خاصة و بوطننا الغالي عامة .. و على الأجيال الآنية أن تلقي نظرة بها عبرة و عظة عن عهد مضى و جيلاً يوشك على الرحيل و جيلاً تشرق شمسه الآن ، نظرة ثاقبة تقدم فيها البصيرة على البصر …
هذا وقد تعاقب على المدرسة مدراء أفاضل منهم من على يديه وضعت اللبنات الأولى و هو الأستاذ عبدالله بن بقيران الهندي من عام 1372 هـ إلى 1378 هـ ، حيث كان عدد طلابها مابين 46 إلى 52 طالباً ، و معلميها مابين 2 إلى 5 معلمين ، و من بعده توالى العديد من المدراء و هم :
– الأستاذ علي رومي رمان المولد : من عام 1379 هـ إلى 1403 هـ ، و كان عدد الطلاب مابين 68 إلى 90 طالباً ، و معلميها مابين 4 إلى 6 معلمين .
– الأستاذ مبيريك حميد مبيريك القريقري : من عام 1404هـ إلى 1412 هـ ، و عدد الطلاب مابين 102 إلى 153 طالباً ، و معلميها مابين 6 إلى 7 معلمين .
– الأستاذ مسفر أحمد محمد القريقري : من عام 1413 هـ إلى 1422 هـ ، و عدد الطلاب مابين 145 إلى 161 طالباً ، و معلميها مابين 7 إلى 9 معلمين .
– الأستاذ طه داخل حسين المغربي : من عام 1423 هـ إلى 1435 هـ ، و عدد الطلاب مابين 124 إلى 140 طالباً ، و معلميها مابين 9 إلى 13 معلماً .
– الأستاذ خالد نبيه المغربي : من عام 1435 هـ إلى 1436 هـ .
– يديرها الآن الأستاذ عوض مقبول السلمي .
الأستاذ “عوض مقبول السلمي”
الأستاذ “خالد نبيه المغربي”
الأستاذ “طه حسين المغربي”