ولهم في القلب مكان

‏سُئلت ذات مرة وأنا جالسة أقرأ كتاب لي سؤال
من أحد أبنائي فقال : أمي إن بر الوالدين نعرفه ودرسناه في مدارسنا وفهمنا معناه بكل وضوح لكن بر الأباء للأبناء كيف يكون هذا .. سؤال أستاذي لي وقلت هل الأباء عليهم بر أبنائهم ؟؟
قلت : سألت يا ولدي عن عظيم
فإن هذا مما يندى له الجبين ويفطر له الفوائد فإن كثير من الأباء يشكون من عقوق أولادهم لهم وهم لايعرفون أنهم هم السبب في ذلك .

إن من أهم صور عقوق الآباء للأبناء:
* يبدأ من إختيار الأم فإذا صلحت صلح الأبناء والعكس صحيح .

* التفرقة في المعاملة : فبعض الآباء والأمهات يجد بعض الأبناء أقرب إلى قلوبهم، فيظهرون هذا في معاملتهم؛ وهو ما يولد حقداً وكرها من الولد للأم والأب والإخوة أيضا.

فقد كان يعقوب عليه السلام يحب ولده يوسف -عليه السلام- أكثر من إخوته؛ وهو ما حدا بهم إلى محاولة قتله والتخلص منه، فرموه في البئر، غير أن يعقوب كان يدرك هذا تماما، ولم يكن يظهره.

ولما رأى يوسف عليه السلام الرؤيا {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}، قال له أبوه يعقوب عليه السلام {يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، ثم فسر له الرؤيا، فقد أدرك خطر معرفة إخوته للرؤيا، وأن كيدهم سيزيد له، فقدم الأهم على المهم، ونصحه بإخفاء الأمر على إخوته أولا، ثم فسر له الأمر ثانيا.

* طبيعة التعامل : بعض الآباء يرون أن تشديدهم على أبنائهم الغير مبرر  مع أنهم يخطئون في حقهم  فيتهمون أبناءهم في بعض السلوكيات الغير جيدة ويضربون على أيديهم بمقامع من حديد ، فالنصح والإرشاد لا يكون بالعنف إنما باللين والمحبة والإحتواء.

وعلى الآباء أن يدركوا طبيعة المرحلة التي يعيشها أبناؤهم، وأن يدركوا أيضا أن الأجيال مختلفة، وأن التأثيرات في البيئة المحيطة تحدث نوعا من التغيير.

ولهذا ما أحسن ما كان يعالج به النبي صلى الله عليه وسلم خطأ الناس، بالعقل والحوار والرحمة .

*  بعيد عن  الاستبداد :
ومن صور العقوق أيضا إظهار الآباء أنهم يملكون الحق الأوحد، وأن الأبناء دائما على خطأ، فيشعر الأبناء أن آباءهم وأمهاتهم لا يملكون القدرة على خطابهم، وأنهم يسيئون إليهم دائما؛ وهو ما يحدث فجوة كبيرة بين الآباء والأمهات.

إن احترام آراء الأبناء وسماعهم والتحاور معهم وإقناعهم هو السبيل للتربية الصالحة، أما أن يكون الآباء والأمهات ملائكة لا يخطئون، فهذا هو الخطأ بعينه، ولا يظن الآباء أنهم باعترافهم أنهم كانوا خاطئين في هذا الموقف أن صورتهم تهتز أمام أولادهم، إنها إن اهتزت لأول وهلة، ولكنها ما تعود لتثبت كالجبال الرواسي، كما أنه يولد في الأبناء الاعتراف بالخطأ.

*  الاهتمام بالمظهر دون المخبر :
فكثير من الآباء يعتقدون، بالخطأ، أن دورهم محصور في توفير الطعام والشراب لأبنائهم، فيسعى للسفر حتى يعيش أبناؤه في معيشة أفضل، وهذا أمر لا بأس به لكن لا بد من دراسة الأمر جيدا من كل النواحي .

* من صور العقوق تجاه الأبناء أيضاً :

الضغط على أحد الابناء بالمطالب دون الأخر بحجة أن هو الرحيم بينهم وهذا يرهقه وإجحاف بحقه حتى لو لم يشتكي ، فكل الأبناء بلا استثناء  عليهم حق بر الوالدين
فعلى الوالدين العدل بين أبناءهم وتوزيع المهام بينهم حتى يشعرون بعدل والديهم لهم .

ومن حقوق الأبناء توفير المسكن والمشرب والتعليم الجيد لهم وأن لا نجعلهم عالة على غيرهم و أن نولد في قلوبهم العزة والاستقلالية عن الغير ، وإذا أدركنا كل هذه المظاهر وتمكنا منها وكانت في زمامنا بذلك نكون سعينا في برهم وعندما يكبرون لا يألون جهداً في برنا رزقنا الله وأياكم بر أولادنا وأعاننا الله على مساعدتهم على برنا ، فإن لهم في القلب مكان ..

 

المستشارة التربوية والمدربة والكوتش
أ . جوهرة السلمي

 

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *