وفي العُلا .. رأيتُ ما لم أره من قبل! – (١)

د. يوسف العارف

(1) … وذات شعر كتبت عن (العلا) قصيدة، قلت فيها:

إلى أرض (العلا) يممت وجهي
وعانقت الشموس العاليات

سلوا (كوك الخواجه) عن بهاها
وعما سجلت عين الثقات

حضارات توالت من قديم
فما النيلين أو أرض الفرات

ولما سمعها أو قرأها شاعر (العلا) الأستاذ الأديب محمد بن عبدالله القاضي غرد في تويتر قائلاً:

من قال حسناً في الحبيبة يشكر
والشعر من كرم الرجال .. محبب

أدلى بها المعروف (عارف) كنية
فخرُ الرجال محبة.. يتعجب

أمعنتَ فيها نظرةً فوصفْتَها
تهدي لها أحلى البيان فتطرِبُ

فإليه.. وإلى أهل (العلا) الكرام تحية ودعاءً ومحبةً واحتراماً!!

#     #     #

(2) وهاأنذا قبل أيام أحل ضيفاً على تعليم العلا ومشاركاً في حفل تكريم الأستاذ القدير إبراهيم بن عبدالله القاضي/ مدير التعليم السابق بمناسبة تقاعده ولم أجد بداً من الشعر أهديه في هذه الفعالية الحبيبة إلى نفسي قلت فيها:

لإبراهيم ترتجل القوافي
نديات، ويحملها فؤادي

أتيتك من (حجاز) الخير فرداً
حملت معي تباشير الوداد

وجئت إليك بالغرِّ القوافي
يسربلهن حبٌّ في ازدياد

فـ (إبراهيم)… خلٌّ ألمعيٌّ
له تهدى الأصيل من الجياد

ولكني حملت اليوم شعري
لأهديه الفتى/ الرمز/ القيادي

#     #     #

(3) وهكذا كان حضور الشعر باذخاً، رقيقاً، معبراً عن مكنونات النفس والخاطر، وممثلاً للشخصية الشاعرة، وهذا فضل من الله يؤتيه من يشاء (فالشعراء أمراء الكلام يصرفونه أنَّى شاءوا.. ويجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم، فيقربون البعيد، ويبعدون القريب، ويُحتَج بهم، ولا يُحتَج عليهم). [كما قال الخليل بن أحمد، ونقله القرطاجني في كتابه منهاج البلغاء ص 143-144].

#     #     #

معالم وجولات:

(1) وهذه – بالنسبة لي – هي الزيارة الثالثة لمدينة العلا.. فالأولى كانت في الفترة ما بين  16 – 19 /1429/5 هـ وكتبت عنها مقالاً رحلياً بعنوان: طريق القوافل وسكة حديد الحجاز قراءة سياحية ورحلة تاريخية 16 – 17 /1429/5هـ نشر في مجلة عالم طيبة القابضة العدد 63 السنة 18، 20 رمضان 1429هـ، ثم نشرت ضمن كتابي: في آفاق النص التاريخي الصادر عام 1432هـ، ص 383-392.

والرحلة الثانية كانت في الفترة ما بين 14 – 16 /1429/4هـ وكتبت عنها (أيضاً) مقالاً رحلياً نشر في صحيفة مكة الإلكترونية 7/3/2020هـ بعنوان: أيام في العلا.. عروس الجبال ولؤلؤة الشمال وعاصمة الحضارات وسيكون – إن شاء الله – ضمن كتابي القادم المعد للنشر بعنوان: فامشوا في مناكبها – رحلات وذكريات.

وفي هذه الزورة الثالثة والتي تمت في الفترة ما بين 13 – 15 /1429/4هـ، وكان هدفها الأساس المشاركة في حفل تكريم الأستاذ إبراهيم القاضي (مدير التعليم السابق) بعد تقاعده استجابة لدعوة الزملاء في تعليم العلا، ثم التعرف على هذه المدينة التاريخية والآثارية والحضارية وما شهدته من تطورات وتغيرات جديدة في عهدنا السعودي عهد سلمان (الحزم) ومحمد (الرؤية) وقد رأيت فيها ما لم أره من قبل في زياراتي السابقة مما زاد معرفتي، وأوقفني على كثير من التفاصيل التي لم أفطن لها في تلك الزيارات، وأشعرتني بأن الزمن والمتغيرات الجديدة في بلادنا الغالية بدأت تؤتي ثمارها اليانعات خططاً وإنجازاً وفعاليات تسهم في البناء الوطني المتواتر والمتجدد.

(2) في مساء الاثنين 13/4/1444هـ حطت بنا الطائرة القادمة من جدة وعلى متنها كثير من السائحين الأجانب والعرب الذين بدأوا يتوافدون إلى العلا حيث السياحة الشتوية التي تجهز لها هيئة الترفيه بالتعاون مع الهيئة الملكية للعلا تحت شعارات متعددة من مثل:

مهرجان الممالك القديمة 11-27 نوفمبر 2022م.

لحظات العلا 22 سبتمبر – 24 سبتمبر 2022م.

شتاء طنطورة 21 ديسمبر 2022م – 21 يناير 2023م.

وهانحن في المطار الذي أنزله لأول مرة.. كان فاتناً بكل معاني الكلمة فهو يحمل اسم الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز (يرحمه الله) أمير منطقة تبوك ما بين 1400-1406هـ ثم المدينة المنورة في الفترة ما بين 1406-1420هـ. وأخيراً منطقة مكة المكرمة فيما بين 1420هـ-1428هـ.

هذا المطار الذي يقع على بعد 25 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من مدينة العلا – والذي افتتح عام 2011م كمطار محلي ثم ارتقى ليكون مطاراً دولياً في العام 2021م بجهود الهيئة الملكية لتطوير العلا والذي أصبح بذلك خامس أكبر مطارات المملكة العربية السعودية والحمد لله.

مطار أنيق، متكامل الخدمات، فيه دلالات سياحية تشير إلى حضارة العلا وآثارها التاريخية وفضاءاتها الاجتماعية والثقافية.

يفجؤك أهل العلا – شبابهم وفتياتهم العاملين في المطار – بحسن الاستقبال وبشاشة الوجوه، والترحيب الجميل، وتقديم الخدمات بروح وطنية وأخوية تشعر أنك بين أهلك وذويك، يستقبلون ضيوف العلا بالقهوة السعودية، والتمر العلاوي على يد فتيات علاويات، كما تجد الأدلاء السياحيين الذين يقدمون الخدمات التي يحتاجها السائح بكل حفاوة ومعرفة وإرشاد سياحي جميل!!

حملت هذه الصورة في ذاكرتي اعتزازاً ببنات وشباب وطني الذين حصلوا على دورات إرشادية وسياحية تعلموها وهاهم يطبقونها في هذا المنفذ السياحي الأنيق مطار العلا – مطار الأمير عبدالمجيد.

(3) وبينما أنا مع هذه المشاعر والروح المعنوية المرتفعة رأيت في مدخل قاعة القدوم والاستقبال سعادة مدير التعليم الأسبق الأستاذ إبراهيم القاضي والصديق المثقف الدكتور سلطان القنيدي وهما ينتظران وصولي ويستعدان لاستقبالي فجزاهم الله خير الجزاء.

ومن المطار – وبسيارة الزميل إبراهيم القاضي – إلى حي (الرزيقية) – أحد الأحياء الجديدة خارج البلدة القديمة التي تسمى (الديرة) إلى الشمال منها تقريباً وقفنا عند جامع الحسن البصري لصلاة المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ثم الاستراحة في منتزه ومطاعم (نيلوفر بارك) ثم تناول وجبة العشاء بمرافقة الزملاء من العلاقات العامة بالإدارة التعليمية ومساعد الشؤون المدرسية الأستاذ علي سعد بن جبر ومجموعة من وحدة النشاط الثقافي، وكانت سهرة أدبية تربوية ماتعة، وذكريات تعليمية وإدارية يسردها مدير التعليم السابق ومعاناته الإدارية أثناء عمله السابق كما تطرق الحديث إلى زمالاته وصداقاته ونجاحاته وإخفاقاته التي جعلتني أطلب منه كتابة وتوثيق هذه الذكريات في كتاب سيري ليبستفيد منها الجيل التربوي القادم، فهي حكايات نجاح وجهود مخلصة للبناء والتفاني والعطاء!!

الدكتور : يوسف حسن العارف
أديب وشاعر ومؤرخ سعودي معروف

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *