بين دنيوية المفاهيم وأخرويتها !!

يزيد استغرابي من فهم بعض الناس بأن ممارساتنا في الحياة وأعمالنا وتعاملاتنا هي محض عمل دنيوي .. بل ويمكن أن تفسر بخلق مصطلحات ومعاني لها ( وفق علم الاجتماع ) دون حاجة إلى أي صلة أو علاقة لأصول دينية او قيمية.

ويمتهن بعض المنظرين للعلم الاجتماعي أو النفسي والتربوي مجتهدين لقولبة مظاهر وظواهر حياتنا ويجيدون أحيانا في التوصيف أو التحليق في المعاني لها لكنهم مع هذا الاجتهاد يعزلون ما يمكن أن يكون من (دوافع) ترتقي بالمعاني لتربط الدنيا بالآخرة.

وهذا الارتقاء الذي أريد تأكيده والتنبيه إليه هو أن فئات من الناس تنضبط سلوكياتهم وعلاقاتهم وتعاملاتهم بضوابط ومحفزات ووعود (دينية) لا ( دنيوية) جعلتهم يسلكون هذا السلوك أو يتعاملون به أو أحيانا يتجاوزون عن خلل حصل أو سوء مسهم ( ابتغاء مرضات الله ) !!
*هذا المعنى ( الأخروي ) الذي أنشده يريد ( معلمنو ) الحياة أن ينزعوه من طبيعة الحراك الاجتماعي بشتى مظاهره !!*

خذوا مثالاً سريعا يمكن أن يمتد لأي تشخيص لأي سلوك آخر .. وهو قيمة ( البر ) حيث يبر الإنسان بوالديه إجلالاً لقوله تعالى ( وبالوالدين إحسانا ) دون النظر إلى ما قدم لي أو قدمت له .. وإن كان هذا العامل يؤثر في عمق البر وامتداده وتجلياته.

لكن من ينزع هذا العامل الفارق في طبيعة السلوك المسكون برضا الله يخفاه المعنى الأكبر في غاية الحياة ومحاولة تعبد الله في مختلف ساحاتها ومساحاتها ومظاهرها .. ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين )

إذا كان الممات وهو حال الانقطاع عن الدنيا مقصود لله فكيف بكل تقلبات الحياة .. إنها لمن فقه الحياة لله .. وهكذا غاية الخلق كله ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)

ومن معاني البر ( وآتى المال على حبه ) الذين يريدون دنيوية المعاني لا يفقهون هذه المعاني العظيمة للمفاهيم .. فمع حب المال يصغر الثراء .. والإمساك عن العطاء ليكون بذلا في وجوه الخير والبر .. *وكل هذا التمظهر البار لا يصل (لمعناه) .. من فقد ( مبناه) !!*

أين يجد المعلمنون للمفاهيم تقعيدا أجل من ذلك حتى في ما نشتهيه !!

وحينما تسموا الروح تتسامى معانيها لتربط الدنيا بالآخرة.

هذه فقط (وصفة خلدونية) أحببت أن أذكر بها الأحبة من المختصين .. بل وأتطلع الى أن تكون حاضرة في مختلف تشخيصاتنا وتناولاتنا في تفسيراتنا وبحوثنا العلمية والعملية .. وأن تكون الرؤية ( الإسلامية ) حاضرة في فكرنا حينما نتناول هكذا دراسات وشروحات وحوارات.
( قل إن الأمر كله لله )
*كل الحب والتقدير والاحترام.*

 

 

قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية.. جامعة القصيم

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *