جلس أمامي .. وبدأ حديثه :
كيف لي أن افعل لكي أستطيع أن أقلّص من حقوق العامل لديّ ؟ خاصة أنه لايوجد بيني وبينه عقد عمل منذ 10 سنوات !! كانت الأمور بيننا تسير بالبركة ومتفاهمين ولكن الآن اختلفنا فأنا أقول له مكافأة نهاية خدمتك كذا وهو يقول كذا .. والحقيقة أن العامل صادق ولكن هل إذا تطور خلافنا واحتاج الأمر لتدخل الهيئات العمالية لحلّه والفصل فيه هل يستطيع هذا العامل أخذ حقوقه في مكافأة الخدمة مع عدم وجود عقد بيني وبينه في الجزئية التي تتعلق ببدلاته التي كان يحصل عليها بموجب عمله بشكل (نقدي) مع راتبه الذي هو الآخر كان يتم إعطاءه إياه نقدي ……
*عميل آخر ..*
يقول أنا أريد أن أتقدّم ببلاغ تغيب ضد أحد عمالي رغم وجوده لديّ وفي مقر العمل لانه تقدّم بشكوى ضدي في مكتب العمل ….
*وعميل ثان ..*
كيف لي أن أقلّص حقوق العاملين من خلال وضع عدة بنود في عقد العمل تمنحني هذا المردود ؟
*وعميل أيضاً يقول :*
قمت بعمل مستند يتضمن بصمة العامل لمدة خمس سنوات قادمة كدليل أني منحته جميع أجوره لدّي
ثم تركته يعمل لحسابه الخاص وأخذت أنا في مقابل سماحي له بالعمل بعيد عني منه 800 ريال كل شهر !!
*وعميل آخر:*
يقول أن رسوم الإقامة إصدار وتجديد أقوم بخصمها من حقوق العامل الذي يعمل لديّ وأحتاط لأمر شكواه التي قد يتقدّم بها ضدي في مكتب العمل في هذه الجزئية بأن أسجل هذه الخصومات بمستند قبض سلف تم منحها إياه بناء على طلبه …
الخ ..
هذه نماذج موجودة ..
بيننا ..
مثلنا ..
يعبدون الله الذي نعبد ..
ويدينون مثلنا بدين الإسلام ..
ويصلون كصلاتنا ..
ويقيمون أركان الاسلام ..
ويرفعون أكفهم لله طالبين منه الغيث حين تُجدِب أرضنا ..
يسألون الله المزيد من الرزق ..
ويسألونه شفاء أبناءهم .. والرحمة لميتهم ..
هم ذاتهم الذين تسمع نشيجهم عن دفن أحدهم على صلة به ..
يضعون على مدخل بيوتهم ( هذا من فضل ربي )!!
وهكذا تستمر المواقف ..
كلها تتشابه وتتشارك هدف وحيد وغاية يتيمة ألا وهي : الانسلاخ عن المحجة البيضاء التي تركنا عليها رسولنا صل الله عليه وسلم واضحة جلّية .. ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك .
نسوا هؤلاء .. جميعهم أن شريعتنا الإسلامية تنهى وترفض بل تتوعد كل من أكل مال من حرام .. أو سلب مؤمناً حقه .. كل من غش وكذب وتحايل ..
ديننا .. شرعنا وشريعتنا أولا ..
وأولاً لايعني مجرد ترتيب فقط ، بل معناه ليس لك تجاوزها والذهاب للمصدر الثاني إذا نص المصدر الأول وبوضوح .. كما ليس لك أن تتجاوزها لمصدر آخر بموجب أمر اتخذته ليمنحك حق التجاوز وأنت تعلم في حقيقة نفسك أن الحكم ظهر واضحاً وبنص لايقبل أن يدعي أي أحد فيه الخلاف ..
الشريعة أولاً .. وحين تتجاوز أو تتجاهل أو تتعمد تجاوزها انت ترتكب كبيرة .. أنت توشك أن تؤمن بحكم غير حكم الله .. لأنك ترضاه وتقبله في حين ترفض وتترك حكم الله .
فاحذر .. واعلم .. وتعقل .. فأنت تسير في اتجاه جهنم ..
وحين التقيت كل العملاء الذين ذكرتهم في أول الحكاية .. وجدتهم
من الذين قال تعالى فيهم :
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾
فاحذر أنت و أنت .. و أنتِ أن تكون مما شملهم ربنا بوعيده .. عندها العامل الذي حرمته أجره بفذلكة واحتيال وظلم وخداع قد خسر بضع دراهم معدودة .. وأنت خسرت آخرتك .. وبعت هذا العامل حسناتك بثمن قدره يبلغ (ما استطعت أن تحرمه من أجوره ) فمن بظنك الذي ربح ؟ اترك لك الإجابة ..
مقالات سابقة للكاتب