هل نحن حقيقةً نحرق أوقاتنا؟!

قد تكون شرارة الفكرة تبدأ من موقف يعاينه المرء أو من كلمة عارضة يقرأها أو يسمعها الفرد منا وهذا الأمر يندرج على بقية الأمور كتأليف قصيدة شعرية أو إنشاء مشروع تجاري … إلخ وما قدح شرارة هذه المقالة في مخيلتي وفكري هو كلمة قالها لي أحد أقربائي حيث قال لي بكل حسرة أنه يعاني فعلاً من وقت فراغ كبير ولا يعرف كيف يقضيه ثم أردف قائلاً لولا برنامج السناب شات وغيره من برامج التواصل الإجتماعي لضاقت بي الدنيا بما رحبت.

بعد هذا الكلام المقتضب جلست مع نفسي أحاورها ثم أتساءل هل يعاني المجتمع وجيل الشباب خاصة فعلاً من وقت الفراغ ثم أليس هذا الوقت بمثابة الكنز الذي يجب علينا استثماره والإستفادة منه ؟ وكيف يقضي المجتمع وخصوصاً الشباب وقت فراغهم ؟ وهل برامج التواصل الإجتماعي بشكل عام سلبية أم إيجابية؟ وهل تقودنا في نهاية المطاف إلى التطور والإنجاز والتقدم على كافة المستويات أم هي منصات لحرق الوقت ومتابعة حسابات المشاهير والتأمل في كمية التفاهات التي يبثونها للمتابعين صباح مساء.

أسأله صعبة ومعقدة ومحيرة لكنها صادقة وحقيقية إذا أردنا أن نضع يدنا على موقع الداء ونبحث بجدية عن الدواء عند هذه اللحظة يبزغ في ذهني بشكل جلي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ).

وهنا نورد تعليق سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله على هذا الحديث قائلاً “يعني كثير من الناس تضيع صحته بغير فائدة ، صحيح الجسم معافى في بدنه وعنده فراغ ولكنه لايستغل ذلك فيما ينفعه” انتهى كلامه.

هنا أحبتي أختم هذا المقال ببعض النصائح والتوصيات لعل الله يكتب لها الفائدة والقبول عند من يقرأها ، الوقت عزيزي القارئ هو رأس مالنا الحقيقي في هذه الحياة ، عمرنا ماهو إلا ساعات ودقائق وثواني إذا مضى منها شيء فلن يعود أبداً إلى قيام الساعة.

من هذه اللحظة أعقد العزم على قضاء وقت فراغك فيما يرضي الله وينفعك في الدنيا والآخرة فمثلاً قاطع أي وسيلة من وسائل التواصل الإجتماعي تقودك إلى ضياع وقتك فيما لا ينفع بل ربما تكون وسيلة تكتسب بها الآثام والمعاصي والذنوب وتوهن إيمانك وتضعف عقيدتك بالله.

استغل وقتك بكل ماهو إيجابي ويعد استثمار للوقت كتخصيص مثلاً وقت لممارسة الرياضة يومياً ووقت لمشاهدة مواعظ دينية في اليوتيوب وغيره من الوسائل خصص وقتاً لمطالعة الكتب وتثقيف نفسك ، خصص وقت مثلاً لصلة الأرحام بالزيارة أو حتى بالإتصال هاتفياً.

خصص وقت للتخطيط لحياتك وضع أهداف حقيقية نافعة تركض خلفها مع إشراقة كل صباح ، نظّم وقتك وإبدأ بالأولويات والأهم قبل المهم حافظ على صلواتك بكل ما أوتيت من قوة إجعل لك ورداً لتلاوة القرآن كل يوم لا تتنازل عنه أبداً ، تعرّف على الأصدقاء الإيجابيين والناجحين واحتك بهم وتعلم منهم ، ابتعد عن رفقاء السوء ومصاصي الطاقة. وقتك وحياتك أمانة حافظ عليها.

دائماً ضع هذا السؤال بين عينيك ، كيف استثمر وقتي فيما ينفعني؟ هنا ستتولد القدرة الإبداعية لعقلك وستظهر أمامك الكثير من الخيارات الناجعة. أتمنى لك عزيزي القارئ حياة سعيدة موفقة مليئة بالإنجاز والنجاح.

نوار بن دهري
[email protected]

مقالات سابقة للكاتب

5 تعليق على “هل نحن حقيقةً نحرق أوقاتنا؟!

أحمد بدير

قد تكون شرارة الفكرة من موقف يعاينه المرء أو من كلمة عارضة يقرأها أو يسمعها

د.صلاح محمد الشبخ

لا فض فوك : أخي نوار : فقد حركت جرحاً كبيراً ، يعاني منه الكثير وخاصة الشباب ، الفراغ ، نعم هو الكنز الثمين ، لمن عرف شأنه ، وقدر قيمته ،ذكرني هذا بقول : الحسن البصري – رحمه الله –
(لقد أدركت أقواما كانوا أشد حرصًا على أوقاتهم من حرصكم
على دراهمكم ودنانيركم )
الطرح الذي ورد في المقال يحتاج وفقة تأمل ومراجعة ، وتوصياته جديرة بالاهتمام .

المؤمن كالغيث

الوقت أهم يملكه الإنسان بعد دينه وصحته ولن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل فيما فعل فيه، ولعله من الجيد أن نتذكر مقولة قالها الشيخ صالح بن حميد “إننا نشغل أوقات فراغنا في متابعة فراغ الآخرين” المقال أتى على أغلب النقاط الهامة في تشخيص المشكلة وصرف لها العلاج الناجع، وإن كان من إضافة ما فهو دعوة لأن تكون وقت الفراغ وقتاً لذكر الله واستغفاره وكذلك تعلم صنعة وقضاء واجب ، وفق الله الجميع للصالح من الأفعال والأقوال.

حسام الغامدي

يُساعد تنظيم الوقت وإدارته على زيادة ثقة الفرد بنفسه وإعجاب صاحب العمل به
أستغلال الوقت وأستثماره في الوقت الصحيح يعود على المرء بمنافع تجعل للفرد دور فاعل في الحياه ومكانه في المجتمع ولنا في حديث الرسول الله قدره حسنه “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحه ،والفراغ ”
مهما كان لاتدع الفراغ يتملك وتخسر استغلال الوقت كنز عظيم
مقال رائع أستاذنا الرائع “نوار ” محبك الدائم حسام الغامدي

عبد المجيد يوسف عبدالله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
جزاك الله خيراً الفراغ من أكبر النعم على المسلم كي يجمع فيه أكبر قدر من الحسنات وإلا كان وبالا عليه،،،
نسأل الله أن يجعلنا من مستثمري الوقت فيما يرضي الله…
دقات قلب المرء قائلة له،،،،، إن الحياة دقائق وثوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *