خدعة العقل!

يريد الإنسان أنْ يُشكّلَ نفسه بصورةٍ تُشّعره بالرضا والسعادة، وهو يرغب أن يعيش وفق تلك الصورة التي يرسمها عقله عن نفسه؛ ولذلك نجده منقاداً ومطواعاً لعقله؛ فهي الصورة التي تحقق رغباته العميقة، وتعمل جوارحه جاهدةً لبلوغ الصورة المُبْتغاة.
وهو مع هذه المجاهدة الكبيرة؛ يُغْفل حقيقة أنَّه يسعى خلف وهمٍ رسمه عقله وصدَّقه، وستمضي سنوات عمره وهو يطارد سراباً زيّنه لنفسه، وسيظلُّ يلهث خلف أوهام نسجتها ذاكرته ومعارفه المتراكمة.
إنها خدعة كبرى يحتال بها العقل على نفسه؛ وهنا يكون الإنسان قد وقع بين خدعتين، خدعة العقل لنفسه، وخدعته في عقله.
ومثال ذلك، أنت تعاني من سرعة الغضب أو التسويف، لكنك تكافح لتكون حليماً، أو مُنّجِزاً.
تكافح دون أن تفهم ذاتك جيداً على نحو واعٍ أولاً، أو ترى ما يجري عبر نافذة تصوُّرك فقط؛ فتفقد بوصلة التمييز بين الصواب والخطأ.
وهذا ينشأ بسبب سعيك خلف تحقيق رضا سريع عن النفس، وانتصارات صغيرة تعطيك إحساساً واهماً في صورة لذةٍ مؤقتة، أو نشوةٍ عابرة.
والإنسان عندما يفطن لهذه الخدعة التي يلعبها العقل على نفسه، وعندما يُجرَّد العقل من أدوات خِداعه؛ سيرى الأمور على حقيقتها، ويبدأ حينها التحوُّل في الذات، وتتكشّف له الأمور على نحو غير مسبوق.

سليمان مُسلِم البلادي
solimanalbiladi@

الحلقات السابقة من روشتة وعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *