ولدي … أنت سندي !

من الواقع المشاهد ، حالة الأب ، من القلق والتوتر ، حال دخول زوجته ، غرفة الولادة ، حيث ترى على ملامحه العبوس والخوف ،والشرود الذهني ، وفجأة ،وبعد البشارة ، بسلامة الأم والمولود ، ذهب ذلك القلق والخوف وحمد الله ، وأثنى عليه ، واعتلته ابتسامة عريضة ، وفرح شديد ، بغض النظر لنوع المولود ، ذكراً كان أو أنثى..

لكن إذا كانت البشارة بمولد ، ذكر ، كانت الفرحة أشد وأعمق ، ليس كرهاً في البنت ، معاذ الله ( فهذه صفة أهل الجاهلية ) لكنها الفطرة ، شدة الفرح بالمولد الذكر ، لأنه يأمل فيه تحمّل المشاق والصعاب ،حال كبره ، يأمل أن يكون سنده في خدمته ، وخدمة أهل بيته وأسرته ، أيا سندي !

حضنتك طفلاً ، ورعيتك يافعاً ، ولا زمني همّك رجلاً ؛ فأوصيك ياولدي : بوصية لقمان لابنه ( لا تشرك بالله ، وأحسن لوالديك ، وراقب الله في خلواتك ، أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ، واصبر على ما أصابك من مصائب أو مكروه في سبيل استقامتك على الدين ، تحلّى بالأخلاق الفاضلة مع الناس ، من التواضع ، والابتعاد عن التكبُّر، والتحدُّث إلى الناس بلُطف، مع خفض الصوت، والابتعاد عن الغلظة في الكلام.

أيا سندي !
نعم ؛ أريدك أن تنال مناصب عالية ، في حياتك ، لتسعد وتسعد أسرتك ، أفرح عندما تحقق نجاحاً ، وأشعر أنا الذي حققته ، لكن يا ولدي ، مثل ما أريد لك في الدنيا نجاحاً ، أيضاً أريد أن تحقق نجاحاً أكبر ، وفوزاً أعظم في الآخرة ، ولا يتحقق ذلك إلا بطاعة الله ، وطاعة رسوله – صلى الله عليه وسلم ، والتمسك بهذا الدين والاستقامة عليه ، ولعلك ياولدي تكون من السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظلً إلا ظله فمن حديث أبي هريرة رضي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ : وذكر منهم ( وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بالمساجد ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ،فقال : إني أخاف الله ، …)متفق عليه ، أيا سندي !

الحياة مليئة بالفتن ، والمصاعب ، والشواغل ، والأحزان ، لكن ، كلما كانت ثقتك بالله قوية ؛ كلما هانت عليك كل مشكلة تواجهها ، أيا سندي !

لا تصاحب إلا الجليس الصالح الذي يعينك ، على طاعة الله ، واحذر جليس السوء ، فإن مصادقته وبال عليك في الدنيا والآخرة ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) أيا سندي !

كن لربك طائعاً ، ولرسولك متبعاً ، ولأبيك وأمك باراً ، ولإخوانك عطوفاً ، ولأرحامك واصلاً ، ولجيرانك مساعداً ، ولأصدقائك ناصحاً ، تنال رضا ربك ، أيا سندي !

كل يوم تشرق فيه الشمس ، فهو يوم جديد ، وبما تعمل فيه ، سيكون عليك شهيد ، إن كان خيراً ، فاحمد الله وأسأله الثبات ، وإن كان غير ذلك فراجع نفسك وحاسبها ، مادمت في زمن المهلة . أيا سندي !

هذه نصحية أب مشفق عليك ، اقبلها بصدر رحب ، واجعلها منهج حياة لك ،وطبق منها ما استطعت لذلك سبيلا ، وأسأل الله تعالى أن يتجاوز عنا الخطايا ويجمعنا في جنته إنه جواد كريم .

 

د.صلاح محمد الشيخ
مستشار أسري وتربوي ّ

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *