منجنيق الغرب وكتابه المداواة

من العلوم التي ألف فيها العديد من مؤلفي العرب و العجم المعاصرين و تنوعت مؤلفاتهم فيها “علم الذات”و معالجتها ، وتطويرها ، علم الأخلاق و تهذيبها ، علم فن التعامل مع الأخرين ، علم الشخصيات و أنواعها ، و غيرها من المواضيع المتعلقة في هذا المجال .

كنت أعتقد أن هذه العلوم من العلوم الجديدة التي لم يسبق لأحد من العلماء القدامى الكتابة عنها والتأليف فيها بعمق وتفصيل حتى شاهدت قبل فترة بودكاست ( قلق الأسئلة) للأستاذ ياسر الحزيمي حيث كان عنوان الحلقة عن ( المداواة ) وكان ضيف تلك الحلقة الأستاذ عبدالله بن صلاح حيث ذكر الضيف الفاضل أن هناك من العرب القدامى من أبحر في هذا الفن وعلومه و ذكر منهم الملقب بـ “منجنيق الغرب” الإمام ابن حزم الأندلسي قال أن له كتاب نفيس و عميق في هذا العلم اسمه ( مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق ) .

لذا بدأت ابحث عن هذا الكتاب حتى أُبحر بين صفحاته ، فعندما بدأت أقرأ فيه أذهلني كثيرا العمق الذي في تفاصيله و العجيب فيه أنه تناول الكثير من الشخصيات وتحدث بعمق عن طباعهم و أخلاقهم ، و أساليب تعاملهم مع بعضهم ، و كيفية تهذيب الأخلاق و الذات ، التي كثير من علماء العصر أسهبوا فيها من خلال الدورات و البرامج وألفوا لها العديد من الكتب الوفيرة في دور الكتب ..

يتناول الكتاب عدة فصول منها :
– فصل في مداراة النفوس .
– فصل في أبواب العقل والراحة .
– فصل فيما يتعامل به الناس في الأخلاق .
– فصل في مداواة أدواء الأخلاق الفاسدة .
– فصل في غرائب أخلاق الناس .
– فصل في مطامع النفس وعلاجها.

سأعرض لكم بعضا من أقواله في هذا الكتاب القيم :

* طرح المبالاة بكلام الناس و استعمال المبالاة بكلام الخالق عز وجل بل هو العقل كله والراحة كلها .
* طوبي لمن علم من عيوب نفسه أكثر مما يعلم الناس منها ..
* أن المحبة كلها من جنس واحد لكنها تختلف أنواعها على قدر اختلاف الأغراض فيها ..
* الطمع أصل لكل ذل و لكل هم ..
* اقتنع بمن عندك يقتنع بك من عندك ..
* السعيد في المحبة هو من ابتلى بمن يقدر أن يلقي عليه ثقله ولا تلحقه في مواصلته تبعه من الله عز وجل ولا ملامة من الناس ..
*درج المحبة خمسة أولها الاستحسان ثم الإعجاب ثم الألفة ثم الكلف ثم الشغف ..
*حد العقل استعمال الطاعات والفضائل وهذا الحد فيه اجتناب المعاصي والرذائل ..
* إياك و موافقة الجليس السيء ومساعدة أهل زمانك فيما يضرك في أخراك أو في دنياك وإن قل ، فإنك لا تستفيد إلا الندامه حيث لا ينفع الندم ولن يحمدك امرؤ ساعدته بل يشمت بك ..
* إياك ومخالفة الجليس ومعارضة أهل زمانك في مالا يضرك في دنياك ولا أخراك وإن قل فإنك لا تستفيد بذلك إلا الأذى والمنافرة والعداوة ..
* الخيانة في الأعراض أشد من الخيانة في الأموال ..
* كلما نقص العقل توهم صاحبه أنه أوفر الناس عقلا و أكمل تمييزاً.

و اختم بمقولة لصاحب الكتاب النفيس :
“من العجائب أن الفضائل مستحسنة ومستثقلة ، والرذائل مستقبحة ومستخفة ..”.

مها الجهني 

مقالات سابقة للكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *